الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

مشروع العائلة السعيدة




مشروع العائلة السعيدة
الباحث الاجتماعي : عباس سبتي
2012م

مقدمة :
      جاءت فكرة هذا المشروع عندما أراد أحد الشباب وهو من الأقارب أن ينفصل عن زوجته بعد القران ( فترة الخطبة ) عليها لمدة أسابيع قليلة ، وادعت الزوجة في شكواها بعدم زيارة الزوج لها أوالاتصال  بها خلال فترة الخطبة ، في المقابل اعتذر الزوج الانشغال بالعمل والأصدقاء ، وبعد تدخل الأهل أرادا الانفصال بعد اصرار الزوج أنه لا يريد التخلي عن أصدقائه البتة .
     لعل هناك أسابا اخرى لفكرة هذا المشروع وذلك بعد الشكوى من المسئولين بتزايد حالات الطلاق في العصر الحديث لأتفه الأسباب فهل هذا المشروع يخفف حالات الطلاق المتسرع إن صح التعبير ؟
     كذلك من الأسباب طرح هذا المشروع أننا كتبنا " مشروع لم الشمل "  لعلاج لظاهرة الطلاق المتفشية في المجتمعات المعاصرة ، وذلك بعد إجراء دراسة " تحليل أسباب ظاهرة الطلاق في المجتمعات "  ، حيث أن "  مشروع لم الشمل " عبارة عن تدخل الآخرين في " لم شمل " الزوجين والتقريب بينهما ، إلا أننا قد نهمل دور الزوجين وعلاج الأسباب الكامنة  والنفسية وراء الطلاق ، لهذا يركز مشروع " العائلة السعيدة " على الغور في نفسية الزوجين وتدريبهما كي يحافظا على عش الزوجية من التصدع وتكوين " أسرة سعيدة " وبالتالي إيجاد المجتمع الصالح أفراده يهتمون بإصلاح أنفسهم ويهتمون بقضايا تنمية بلادهم .
     توجد مؤسسات عامة وخاصة تهتم بلم الشمل وإصلاح ذات البين لكن بعض الأزواج لا يرتادها إما بسبب عامل الخجل أو الإحراج  أو عدم الوعي بدور هذه المؤسسات ، إن دور هذه المؤسسات ضعيف ، إلى جانب يوجد  مقرر " فن إدارة الخلافات الزوجية " في مدارس الثانوية في بعض دول مجلس التعاون ، ونأمل طرح هذا المقرر الدراسي في كلية إعداد المعلم وكليات الجامعات الحكومية والأهلية .
     ونأمل جعل هذا المشروع يأخذ صفة " الإلزامية " أي كشرط لعقد الزواج بعد شرط فحص دم الشاب والشابة المتقدمين للزواج لخلوهما من الأمراض الوراثية .
     هذا ويركز مشروع " العائلة السعيدة " على عقد دورات تدريبية تنظمها الجهات الرسمية والخاصة لمن يتقدم للزواج على أن تكون الدورات مجانية ، لكن بعد فشل المتدرب في حياته الزوجية فأنه يشترط عليه دفع رسوم لحضور هذه الدورات عندما يريد الزواج مرة أخرى .

وقفة تأمل لزيادة حالات الطلاق :
     ودعت إحدى الدراسات القائمين على الرعاية الأسرية كإدارة الاستشارات الأسرية الى الاستمرار في بذل الجهود المكثفة لمنع حدوث الطلاق بينهما، كذلك وضع مناهج إرشادية لطالبي الزواج من الشباب والشابات لتعريفهم بطرق التعامل بين الزوجين، خاصة أنه حتى الآن فإن معدل الطلاق يرتفع عن معدلات الطلاق في بعض الدول العربية أو الخليجية ، مدير إدارة التوثيقات الشرعية في وزارة العدل بدولة الكويت يرجع زيادة نسبة الطلاق الى عدة أسباب أهمها عدم تحمل أحد الزوجين للآخر، وتدخل الأهل بينهما وسوء المعاملة من أحد الزوجين او كليهما، والشك والغيرة الناتجة عن الخيانة الزوجية، ويأتي عدم الإنجاب في مقدمة أسباب الطلاق .
( القبس 3/6/2007)

     بعد حصول الزوجة على درجة علمية من الخارج بادر الزوج إلى تقديم باقة ورد لها كان يتصور أجمل تعبير لحبه لها بينما الزوجة كانت تعاني من الوحدة نتيجة إنشغال الزوج عنها وكانت تنتظر أن يدعوها إلى العشاء في الخارج ، ونظر الزوج إلى وجه الزوجة لم يجد فيها استجابة الفرحة التي كان يتوقعها بل التهجم لأنه لم يشعر بما تحتاجه فشعر أنه لا تبادله الحب وزادت عصبيته وارتفعت حدة  كلامه فبادرته الكلام بنفس الحدة وتحول الموقف الرومانسي إلى مشاجرة دامية بين الزوجين .
( التوافق الزواجي وعلاقته بالإشباع المتوقع والفعلي للحاجات العاطفية المتبادلة بين الزوجين ، أمل بنت أحمد بن عبدالله باصويل ، جامعة محمد بن سعود كلية العلوم الاجتماعية قسم علم النفس ، الرياض المملكة العربية السعودية 1429هـ)    

دور المؤسسات الحكومية والأهلية :
     وتأكيداً لأهمية الدين في حفظ الاستقرار الأسري فقد ظهرت مؤسسات لها طابع ديني سواءً كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية وجميعها تؤكد أهمية الدين كعامل في حفظ الرابطة الزوجية،  ظهرت في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية مؤسسات والتي تعنى بتهيئة المقدمين على الزواج من الجنسين في إطار الكنيسة، كما ظهر تحالف الزواج من الجنسين في إطار الكنيسة تحت مسمى تحالف الزواج الذكي Smart Marriage Coalition ، والذي يعقد مؤتمره السنوي في العاصمة الأمريكية في ظل تأكيد أهمية التدين في حفظ الزواج واستمرار فاعليته .
     أما على مستوى الوطن العربي وبالأخص في دول الخليج العربي فقد ظهرت مؤسسات ذات طابع ديني تهتم بالأسرة والزواج ضمن إطار الدين والتدين.
     ففي دولة الكويت بــدأت " لجنة مصابيح الهدى " في حملات التوعية وعقد الدورات للمتزوجين والمقبلين على الزواج ،  ثم أنشئ صندوق الأسرة وصنـدوق السعادة الزوجية التابـع للأمانة العامة للأوقاف.
     أما في البحرين فقد ظهرت لجنة "البشاير" وهي لجنة تشبه مصابيح الهدى الكويتية من حيث الهدف والوسائل.
     وفى الإمارات ظهرت مؤسسات أهلية وحكومية، وعلى رأسها صندوق الزواج ومكتب شئون المواطنات .
     وفي قطر نشطت دار تنمية الأسرة للعمل على حفظ واستقرار الأسرة القطرية .
     أما على مستوى الدول العربية الأحرى فقد ظهرت جمعية العفاف بالأردن وتهتم بنفس الأهداف التي تنطوي عليها الجمعيات الخليجية، وتحاول هذه المؤسسات وما شابهها الحفاظ على استقرار الأسرة في المجتمع العربي .
     توجد بعض المؤسسات الحكومية والأهلية لمتبعة مشكلة الطلاق والحد منها فقد أنشئت مراقبة الاستشارات الأسرية ثم تحولت إلى " إدارة " بوزارة العدل نتيجة كثرة حالات الطلاق ، وللمساهمة في نشر التوعية الأسرية وإكساب أفراد المجتمع المهارات الكفيلة بتجنب او علاج المشكلات التي قد تعترضهم ، تم انشاء مركز اصلاح ذات البين عام 2001 بدعم مادي من الصندوق الوقفي للتنمية العلمية والاجتماعية التابع للأمانة العامة للأوقاف وبمتابعة إدارية من وزارة العدل ،  وقال مدير إدارة التوثيقات الشرعية بوزارة العدل : قمنا بإنشاء مكتب للتوعية الدينية، يقوم بشرح أحكام الطلاق وبيان آثاره الشرعية في الزوجين بعد الطلاق وأثره في حضانة الأولاد وبيان أحكام الرجعة، وقد نجح هذا المكتب في ثني عدد كبير من الأزواج عن اتمام الطلاق” .
( د. القشعان ، دور الاعتدال في التدين لدى الزوجين في إيجاد التكامل والرضا النفسي والسلوكي في العلاقة الزوجية - دراسة ميدانية ، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت )

     مع كل ما تقوم به الجهات المعنية لدراسة ظاهرة الطلاق فأن حالات الطلاق لم تقل في الغالب ، لهذا لا بد من التعامل مع المتقدمين للزواج من الشباب والشابات وتهيئتهم للزواج من خلال المحاضرات والندوات والدورات التدريبية كي يعرف الزوجان أهمية الزواج وسلبيات الطلاق .

مراحل تنفيذ المشروع:
     يمر المشروع بثلاث مراحل :
     - مرحلة التعريف بالمشروع من خلال أجهزة الأعلام الرسمية والأهلية .
     - مرحلة الدورات التدريبية وهي عبارة عن :
     دورة تدريبية لمدة شهر واحد ويحضرها الأرامل والعوانس من الجنسين ومن تخطى السن الثلاثين .
     دورة تدريبية لمدة شهرين ويحضرها المطلقون والمطلقات صغار السن ما بين 18 ودون 30 سنة .
     دورة تدريبية لمدة ثلاثة شهور ويحضرها الشباب والشابات الذين يتقدمون على الزواج لأول مرة .
     مرحلة التقويم والمتابعة وذلك بإخضاع المتدربين للاختبارات التحريرية وإجراء دراسات ميدانية وغيرها لمنح شهادة اجتياز الدورة بنجاح كشرط من شروط  عقد الزواج الرسمي .

محتوى البرنامج التدريبي :
     يتكون هذا البرنامج من عدة محاور تغطي الدورات التدريبية الثلاث  :
     - غرس أهمية الزواج لدى الشباب .
     - التصدي لمن يريد التدخل بشئون الزوجين بحجة  إصلاح ذات البين .
     - التفاؤل والأمل في الحياة .
     - حب الأولاد صمام لاستمرار الحياة الزوجية .
     - رفقاء السوء وهدم البيت الزوجي .
     - كيف تتعرف على نفسية شريك الحياة .
     - مناقشة الدراسات التي تتناول أسباب ظاهرة الطلاق في المجتمعات الخليجية و العربية والإسلامية .
     - تجارب واقعية على لسان من مر بتجربة زواج فاشلة .

المحاضرون :
     تستعين الجهات المنظمة لهذه الدورات بالباحثين والأكاديميين ورجال الدين وغيرهم ممن لهم خبرة في أساليب التدريب ومعرفة قضايا الأسرة والمجتمع .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق