تشريعات السامري الصالح : مفهوم ...واقع

تشريعات  السامري الصالح : مفهوم .... واقع

إعداد الباحث/ عباس سبتي

يوليو 2018

مقدمة :

              أجرينا دراسة  بعنوان " أهمية دور المارة في فض النزاع بين الأفراد " يوليو 2018 ، وهي دراسة مقترحة حيث لا توجد دراسة حسب علم الباحث عن دور المارة في فض النزاع بين الأفراد على مستوى كثير من دول العالم ، وركزت على سن التشريعات لتفعيل دور المارة أو شهود العيان ، فاطلع الباحث على تشريعات تسمى " تشريعات السامري " في بعض المواقع الأجنبية ، وهذه التشريعات تخول المارة التدخل في حوادث يتعرض لها الأفراد ويحتاجون إلى مساعدة من المارة  ، لكن هذا التخويل يختلف من دولة وأخرى في عدم مقاضاة المنقذ للضحية  ، إلا أن الباحث رأى أن تشريعات السامري يمكن أن تشمل تدخل المارة في فض النزاع بين الأطراف المتنازعة حيث أن أحد هؤلاء الأطراف يحتاج إلى مساعدة ( قد يكون ضحية ) .

حسب تتبع الباحث لم تطبق تشريعات السامري الصالح في الدول العربية ولعل لها جذور من الديانة النصرانية  ، ولكن تشترك الأدبان السموية في مد يد العون والمساعدة لكل محتاج ويدخل ذلك أيضا في حل مشكلته ورفع ثقل محنته ، وبالتالي أكد ديننا الحنيف على " إصلاح ذات البين " بين الأفراد .

مفهوم تشريعات السامري الصالح

القوانين السامرية الجيدة عبارة عن توفر الحماية القانونية للأشخاص الذين يقدمون مساعدة معقولة لأولئك الذين يعتقد أنهم مصابون أو أصيبوا بالمرض أو في حالة  خطر ، أو عجزوا بطريقة أخرى. تهدف الحماية إلى الحد من تردد المتفرجين في تقديم  المساعدة ، خوفًا من مقاضاتهم بسبب الإصابة غير المتعمدة أو الوفاة غير المشروعة. مثال على مثل هذا القانون في مجالات القانون العام في كندا: مبدأ السامري الصالح هو مبدأ قانوني يمنع المنقذ الذي ساعد طواعية ضحية في ضائقة من مقاضاته بنجاح بسبب سوء التصرف. والغرض منه هو منع الناس من الإحجام عن مساعدة شخص غريب في حاجة إلى الخوف من تداعيات قانونية إذا ارتكبوا خطأ ما في العلاج. على النقيض من ذلك ، فإن واجب إنقاذ القانون يتطلب من الناس تقديم المساعدة ، ويحمل هؤلاء الذين يفشلون في القيام بذلك المسؤولية .

جذور تاريخية لتشريعات السامري :

التشريعات السامرية تنسب إلى أحد سكان مدينة السامرة في فلسطين المحتلة  حيث تناول الكتاب المقدس حواره مع السيد المسيح كما في هذا الحوار :

كان مثال يسوع المسيح من السامري الصالح مدفوعًا بسؤال من محام: من هو جاري ؟  

وهوذا المحاميٍ وقف ليضع المسيح على المحك ، قائلاً ، "يا معلم ، ماذا أفعل لكي أرث الحياة الأبدية؟" (لوقا 10:25 ، ESV)

سأله يسوع ما هو مكتوب في القانون ، فأجاب الرجل: "ستحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك ومن كل فكرك ومن قريبك كنفسك". (لوقا 10:27 ، ESV).

سأل المحامي يسوع ، "من هو جاري؟"

في شكل مثال  ، قال يسوع عن رجل ينزل من أورشليم إلى أريحا. هاجمه اللصوص وأخذوا أمتعته وملابسه وضربوه وتركوه نصف ميت. سار كاهن في  الطريق  ورأى  رجلاً  مصاباً ، واصل سيره  دون مساعدة الرجل كذلك ليفي " اللاوي "( من خدمة المعبد ) لم يساعده .   

أحد السامريين "  Samaritan  "   ، وهو من عرق مكروه من قبل اليهود ، رأى الرجل المصاب  فعطف عليه  ، سكب الزيت والنبيذ على جروحه  وضمد جروحه  ، ثم وضع الرجل على حماره  وأخذه السامري إلى نزل أو " خان "  ورعاه  .

( معنى السامري يعني أنه من مدينة سامرة أو شخص صالح يساعد كما جاء في أنجيل لوقا  ) .

في صباح اليوم التالي ، أعطى السامري ( قطعتين معدنيتين من العملة الرومانية القديمة ) إلى صاحب الخان لرعاية الرجل ووعد بمزيد من المال في طريق عودته لأي نفقات أخرى.

سأل يسوع المحامي  من من الرجال الثلاثة  كان جارًا ؟ . أجاب المحامي بأن الرجل الذي أظهر الرحمة كان جارًا . ثم قال له يسوع ، " اذهب وافعل مثله ". (لوقا 10:37 ، ESV).

أقول :

يفهم من هذا أن الأديان السموية تحث  اتباعها على الإصلاح والتعاون وحب الآخرين ومساعدتهم بدلاً من النزاع والاقتتال والكراهية بين الناس  ، وهناك مفهوم " إصلاح ذات البين " حيث حث الإسلام على المسارعة في حل الخلافات بين المتنازعين .

الشرطة المجتمعية :  

لعل مفهوم الشرطة المجتمعية استمد فكرته من قصة السامري السابقة عندما سأل السامري السيد المسيح عن " الجار " ،

ظهرت فكرة هذا  نظام  الشرطة المجتمعية بالكويت على غرار فكرة " The Neighbourhood Watch بالمملكة المتحدة أو " Community Watch " ، بهدف توفير السلامة لأفراد المجتمع ومساعدة الناس على حماية أنفسهم وممتلكاتهم وزيادة اليقظة ، وقد صدرت فكرة " الشرطة المجتمعية "  بقرار داخلي بوزارة الداخلية بالكويت عام 2008 ، ولعل تطبيق هذه الفكرة في أبو ظبي والأردن وسنغافورة والولايات المتحدة وبريطاني قد كان وراء إصدار وزارة الداخلية بالكويت  لمثل هذا القرار الوزاري  ، وتتكون إدارة الشرطة المجتمعية من خمسة أقسام : البحث والدعم الاجتماعي والزيارات والأنشطة الاجتماعية والدراسة والتحليل والإحصاء والخدمات المساندة ، وقالت الخبيرة القانونية بوزارة البلدية أن قرار الشرطة المجتمعية قد يتعدى على اختصاصات بعض الوزارات كالعدل والبلدية والبيئة والتجارة والأوقاف وأضافت أن البديل يمكن تفعيل دور " المختار " أو استحداث الشرطة البيئية كما في الأردن ، وطالب بعض زيادة الوعي من خلال وسائل الإعلام وطالب بعض آخر بتنمية الرقابة الذاتية للمواطن وأبدى احد النواب مخاوفه أن تكون هذه الشرطة   "سرية " وطالب أن يكون العمل ، وخصصت إدارة الشرطة المجتمعية خطاً ساخناً على الأرقام التالية:94000435 – 94000463 لتلقي الاتصالات من الساعة 9 صباحا حتى الساعة 9 مساءً في سرية تامة من قبل باحثين اجتماعيين متخصصين لتقديم المساعدة في حل المشاكل الأسرية والاجتماعية، بالإضافة إلى تلقي البلاغات عن حالات العنف الأسري وتقديم الاستشارات للآباء والأمهات في حل المشكلات الأسرية التي تواجههم في التعامل مع الأبناء  ،  ويأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل وزارة الداخلية ممثلة في قطاع شؤون الأمن العام «إدارة الشرطة المجتمعية» في تنمية وتدعيم العمل الاجتماعي في جهاز الشرطة، وضرورة تفعيل الدور الوقائي من الجريمة لإدارة الشرطة المجتمعية وكسر الحاجز النفسي لدى أفراد المجتمع والقضاء على مسببات الخوف من رجال الشرطة وتعميم الإصلاح والتأهيل والاندماج الاجتماعي في التعامل مع الحالات السلوكية المنحرفة والجنائية والإشراف على متابعة ضحايا الجريمة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ،   للعمل على تنمية الحس والوعي الأمنيين حتى يتم تحقيق المشاركة الفعالة بين الشرطة والمجتمع للوقاية من الجريمة والحد من انتشارها والمحافظة على عادات وتقاليد المجتمع الكويتي وتماسك كيانه (  سبتي ،  مارس 2017 ) .

ظهرت في بعض دول العالم قوانين تحمل المارة المسؤولية عندما يشهدون  حادثة ( حالة طوارئ   ) ،  ينص ميثاق حقوق الإنسان والحريات في " كيبيك  ، Quebec "   إحدى المقاطعات بكندا ، على أنه "يجب على الشخص نفسه أن يأتي لمساعدة أي شخص تتعرض حياته للخطر ، إما شخصياً أو يدعو إلى المساعدة ، ما لم ينطوي على خطر على نفسه أو على شخص ثالث ، أو لديه سبب وجيه آخر ". ولذلك فمن الواجب قانونا لمساعدة الناس في خطر في كيبيك.

وبالمثل ، ينص قانون العقوبات البرازيلي على أنه لا ينقذ (أو يتصل بخدمات الطوارئ عند الاقتضاء) الأشخاص المصابين أو المعوقين ، بما في ذلك أولئك الموجودون تحت خطر خطير ووشيك طالما كان ذلك مأمونا. وهذا يشمل أيضًا الأطفال المهملين.

ويجعل قانون العقوبات الألماني من الجرائم  من يفشل الشخص في تقديم المساعدة في حالات الحوادث أو الأخطار الأخرى المشتركة ، ما لم يكن ذلك الشخص يعرض نفسه للخطر أو أنه يتعارض مع التزام آخر مهم .

في الولايات المتحدة ، تم تنفيذ قوانين السامري الصالح لحماية المارة الذين تصرفوا بحسن نية. العديد من المنظمات بما في ذلك تدريب المتفرجين. على سبيل المثال ، تقوم إدارة الولايات المتحدة للجيش بتدريب المارة فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي. تقوم بعض المنظمات بشكل روتيني بتدريب المتفرجين فيما يتعلق بقضايا السلامة. آخرون كانوا يقومون بتدريب المارة فيما يتعلق بقضايا التنوع. كما تستخدم منظمات مثل الجامعات الأمريكية أبحاث المارة لتحسين مواقف المتفرجين في حالات الاغتصاب. وتشمل الأمثلة برنامج الوقاية من الاعتداء الجنسي InterAct  وبرنامج Green Dot. وانتقد آخرون هذه القوانين لأنها عقابية وتجريم المشكلة التي يقصدون معالجتها.

عملت العديد من المؤسسات لتوفير خيارات للمارة الذين يرون السلوك الذي يجدونه غير مقبول. عادة ما يتم توفير هذه الخيارات من خلال أنظمة الشكاوى - بحيث يكون لدى المتفرجين خيارات حول أين يذهبون. أحد الخيارات المفيدة بشكل خاص هو وجود أمين مظالم تنظيمي لا يحتفظ بسجلات لصاحب العمل وهو سري للغاية .

تأكيد تشريعات السامري على عملية تدريب المنقذ لحياة الضحية على الإسعافات الأولية كما في بعض الولايات  الأمريكية  ، فالقوانين السامرية الجيدة تحمي فقط أولئك الذين أكملوا التدريب الأساسي على الإسعافات الأولية ويتم اعتمادهم من قبل المنظمات الصحية ، مثل جمعية القلب الأمريكية ، أو الصليب الأحمر الأمريكي ، شريطة أن يكونوا قد تصرفوا في نطاق عملهم وفق التدريب. في هذه الولايات القضائية ، يمكن أن يكون الشخص الذي لم يتم تدريبه على الإسعافات الأولية ولا مصدّقًا ، والذي يقوم بالإسعافات الأولية بشكل خاطئ ، مسؤولًا قانونيًا عن الأخطاء التي ارتكبت. في ولايات قضائية أخرى ، فإن أي منقذ محمي من المسؤولية طالما أن المجيب تصرف بشكل عقلاني. في فلوريدا ، يطلب من المسعفين الطبيين و EMTs والمستجيبين الطبيين في حالات الطوارئ (أول المستجيبين) بموجب القانون أن يعملوا بموجب قانون الواجب تنفيذه ، يتطلب منهم التوقف وتقديم المساعدات التي تقع ضمن ممارساتهم.

نظام المكافأة في تشريعات السامري :

تهدف القوانين السامرية الجيدة إلى حماية أولئك الذين يأتون لمساعدة الآخرين دون سبب آخر غير اللطف. لا تهدف القوانين السامرية الجيدة  إذا كان المنقذ (أو المنقذ) يتصرف دون أن يتوقع أي مكافأة. وبعبارة أخرى ، إذا كنت تحصل على أموال لإنقاذ الضحية  فأنت لست السامري الصالح. من المتوقع أن يقوم عمال الإنقاذ المدفوعون بأداء وظائفهم بشكل صحيح ويمكن اعتبارهم مسؤولين عن الأخطاء ،اعتمادًا على النص القانوني  ، يمكن أيضًا اعتبار الحصول على المكافأة بعد  الحادثة بمثابة توقع للمكافأة. إذا قمت بمساعدة شخص ما في حادث سيارة ثم تمت مكافأته نقدًا أو بأي طريقة أخرى ، فقد يتم استبعادك من الحماية السامرية الجيدة ، ولعل دراستي بعنوان:" أهمية دور المارة في فض النزاع بين الأفراد " تؤكد على نظام المكافأة كي يتشجع الناس على التدخل في فض النزاع وقد يتعرض  المارة إلى سوء وإهانة لكنه يصلح بين الطرفين المتنازعين ، بينما في تشريعات السامري يتدخل المارة طلباً لمساعدة الضحية وإنقاذه بدافع ديني وفطري ، ولو أن المارة لا يفكرون بالمكافأة عن فض النزاع وإنما بدافع فطري وإنساني كذلك يتقوى هذا الدافع في نفوسهم عندما تجيزه التشريعات بشكل عام .

الدول المطبقة لقانون السامري الصالح :

خضعت قوانين الصين للفحص الدقيق في عام 2011 بعد وفاة الطفل " وانغ يوي ، Wang Yue  " الذي  دهسته مركبتان في مدينة " فوشونغ  ، Foshong   " بمقاطعة  " قوانغدونغ ،  Guangdong   "  في حين أن ما يقرب من 20 من المارة لم يفعلوا شيئًا. وكانت التكهنات في ذلك الوقت هي أن الشهود ربما تأثروا بدعاية خبر نشرت في عام 2006 ، حيث تمت مقاضاة رجل من قبل امرأة مسنة كان قد ساعدها بعد إصابتها بكسر في عظامها. (حيث ربحت في القضية  وأجبر الرجل على دفع 6000 دولار لها.) بعد احتجاجات عالمية حول وفاة الطفل "  وانغ يوي ،  Wang Yue  " مرت الصين بأول قانون سامري جيد في عام 2013 في"  شنتشن ،  Shenzhen "  وهي مدينة رئيسة في مقاطعة "  قوانغدونغ   ،  Guangdong    "  .

في فنلندا وألمانيا ، يعاقب القانون في الواقع على الفشل في المساعدة ، ويتم حماية أولئك الذين يقدمون المساعدات بدرجات متفاوتة. يتطلب القانون الإسرائيلي من المارة المساعدة ، وربما يتم تعويض السامريين الجيدين .

لكن في الولايات المتحدة ، تتنوع القوانين بين الولايات فيها بشكل كبير ، وليست  كل قوانين الولايات  تحمي بشكل كامل الشخص العادي ( غير مؤهل )  الذي يتدخل في الأزمة . بعض الولايات  مثل تلك الموجودة في ولاية مينيسوتا وفيرمونت ،  Minnesota and Vermont "  يجبر المتفرجين (  المارة )  لتقديم المساعدات. وفي بعض أخرى مثل  ولاية ميشيغان  يحمي القانون  المارة الذين لا يساعدون على وجه التحديد. بالنسبة للموظفين الطبيين الذين لا يستجيبون لواجباتهم ، تصبح الأمور أكثر غموضاً : تحمي أربع وعشرون ولاية الأطباء الذين يعملون خارج الخدمة ولديهم الرعاية الطارئة داخل المستشفى. وست ولايات لا تفعل ذلك . وهناك اثنتان من الولايات لها  قانون "واجب المساعدة" للأطباء .

المصادر :

  Good Samaritan law

From Wikipedia, the free encyclopedia   

 

 What Is the Purpose of Good Samaritan Laws

How Much Are You Protected by Good Samaritan Laws?

By Rod Brouhard, EMT-P

Updated February 28, 2018

The Good Samaritan - Bible Story Summary

بقلم / Jack Zavada

14/9/2014

The Sorry State of 'Good Samaritan' Laws

 بقلم / Shauna Miller

Jan 27 2015