البرامج العملية في حل المشكلات الفردية والأسرية ( الحلقة الرابعة )
برنامج التعامل مع الأولاد ( خاص بالأبوين
)
الباحث / عباس سبتي
مقدمة
:
ينقسم هذا البرنامج إلى ثلاثة أقسام ، قسم
يعالج كيفية تربية الطفل ، وقسم يعالج كيفية تربية المراهق ، وقسم يتناول التدريب
على العبادة .
ولا
بد من معرفة الحقائق التالية قبل الاطلاع على البرنامج :
-
أثر التربية والوراثة في هذه تربية
الأبناء ، هناك عوامل أخرى ، ولكن ألا يعير
( يعيب ) أحد الزوجين الطرف الآخر عندما يرى عيوب الطرف الثاني في الأولاد .
-
معرفة خصائص نمو الأبناء عن طريق قراءة
كتب علم النفس والأبحاث التي تتناول انحراف الأطفال والشباب .
-
الإنسان مكون من روح وجسم لكل منهما
غرائزه وميوله وكل عامل له تأثير على الآخر ، وأن لا يشبع جانباً دون جانب لآخر .
-
ذنب الطفل والمراهق يختلف عن ذنب الكبير
، ولو أن المراهق في سن التكليف مسئول أمام ربه عن ذنوبه .
-
تربية الطفل لا تبدأ عندما يولد ويفهم أبويه ،
بل قبل انعقاد نطفة الرجل والمرأة ، وذلك عند اختيار الإنسان الطعام المزكي
والطاهر ، وإيمانه أن هذا الطعام له دور في صلاح الذرية ، واختيار الشريك الكفء
والصالح لبناء الأسرة الصالحة .
القسم
الأول : برنامج تربية الطفل :
يقصد بهذا البرنامج تربية الطفل ورعايته قبل
الولادة وإلى مادون سن المراهقة (1-12 سنة) .إن تربية الإنسان من أعقد المسائل
يتعامل معها العالم والجاهل شاءا أم أبيا ، لكن الكثير لا يعر لعامل التربية
واختيار المنهج (البرنامج ) أي اهتمام ، وأن سلبية دور الأبوين في تربية الأولاد
يعني تأثر الأولاد بالأجواء الخارجية وضمور
أثر عامل الوراثة.
عوامل
مؤثرة في تربية الأبناء :
- إن
اختيار الزوج لشريك حياته عامل حاسم في حسن تربية أبنائه أو في
سوء تربيتهم ، جاء في الحديث النبوي " اتخذوا لنطفكم فإن العرق دساس " ،
وجاء أيضا " السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه " . يقصد
بالعرق الخلايا والكروسومات الوراثية فإذا كان الأبوان منحرفين أخلاقياً ، يكون
الابن منحرفاً في الغالب .
-
الغذاء
السليم :الغذاء المشبوه والغذاء النجس يترك أثراً سلبياً في تكوين الجنين ،
وعلى الأبوين مراعاة حسن اختيار الطعام الجيد
وغير المحرم إذا أرادا طفلاً سوياً خالياً من العقد النفسية أو الانحرافية
.
-
الكوارث الطبيعية : الزلزال
والطوفان ومقابلة قرص الشمس لها أثر على نفسية الجنين حال الجماع ، لأنها لا تجعل الأم الحامل في وضع طبيعي .
-
توازن
الجسم والروح : إن اهتمام أكثر بمتطلبات الجسم المادية من أكل وملبس وأثاث
..ألخ على متطلبات الروح ، يعني وجود خلل في نظام تربية الطفل ، كذا الدلع والدلال
الزائد ودون توجيه وإرشاد يحطم نفسية الطفل ويصبح آلة أو شيء من الأشياء دون
مراعاة شعوره وفكره وعدم إحساس الحدث بكيانه وشخصيته ، يؤدي غالباً إلى انحرافه
كما تقول إحصائيات انحراف الأحداث (الأولاد في 12-17 سنة) .
-
أثر البيئة : البيئة
هي كل ما يحيط بالإنسان . الطفل الذي يذهب إلى المدرسة يتأثر بتلاميذ المدرسة ،
والولد الذي يلعب في الحارة ( الفريج ) يتأثر بأصدقائه ، وأصدقاء الأب يؤثرون على فكر
الأب ،وزميلات الأم لهن الأثر السلبي أو الإيجابي على شخصية الأم ، وأجهزة الأعلام
والتكنولوجيا سلبت من الآباء أولادهم وأصبحوا
أشياء تشكلها هذه الأجهزة كيف تشاء .
تعلم
الأخلاق والسلوك السوي :
يأخذ الطفل من أبويه الصفات الحسنة أو السيئة
، فقد يكون الطفل مطيعاً دون أن نبين له مفهوم الطاعة وأثرها عليه ، أو يعرف وجوب
طاعة الوالدين ، كما أن عناد الطفل يسبب مشكلة للأبوين إلا إذا حاولا معرفة أسباب
هذا العناد والبحث عن العلاج ، ولا يمكن التغلب على عناد الطفل بالشدة عليه أو
قسوة التعامل معه .
ماذا
يقصد بالأخلاق ؟
كل أب وأم يريدان أن يكون ابنهما ابناً
صالحاً وسوياً ، لكن ما مفهوم الأخلاق في نظر الأبوين ؟
اختر
الإجابة المناسبة :
-
الأخلاق التي ورثها الأبوان من الآباء
والأجداد .
-
الأخلاق التي يتعلمها الطفل في المدرسة .
-
الأخلاق في نظر وعرف الناس .
-
الأخلاق التي يريدها تعالى وحث عليها ( في
القرآن وكتب الأحاديث ) .
قد لا تكون الإجابة مهمة في نظر بعض الآباء
، لكن تربية الطفل على الأخلاق الفاضلة هو الهدف المطلوب في نظر من يبحث عن برنامج
لتربية أولاده .
من
يعلم الطفل الأخلاق الحسنة ؟
لا يهتم بعض الآباء من يعلم طفلهما هل :
- المدرسة ؟
- أصدقاء صالحون أو أصدقاء سوء ؟
- أجهزة الأعلام ( القنوات الفضائية ، الصحافة ..
مواقع التواصل الاجتماعي ) ؟
ولكن ألا تتفق معي في أن للأبوين دورًا
كبيراً في صقل شخصية الابن ؟
ما المنهج الأخلاقي الذي نريده لأولادنا ؟
روي عن نبي الإسلام " أدبني ربي فأحسن
تربيتي " ، وقال تعالى في مورد مدح لنبيه "وإنك لعلى خلق عظيم " .
إذا كان الأبوان مسلمين ولم يتأثرا بالمنهج الغربي في التربية فأنهما يختاران
المنهج الأخلاقي من منظور الإسلام . الإسلام دين غني بهذا المنهج ، وعلى الأبوين
القيام بما يلي :
-
الاطلاع الواسع في كتب الأخلاق لتكوين
خلفية أخلاقية يمكن نقلها للأبناء .
-
تعلم الأخلاق
من علماء الأخلاق الأفاضل .
-
تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق الفاسدة ،
وكلما كان الأبوان صالحين ، كلما تأثر بصلاحهما الأبناء .
-
مواصلة غرس الأخلاق والفضائل في نفوس الأبناء
ومراقبة أي انحراف في سلوكهم لتعديل هذا الانحراف .
-
تفجير الطاقات والمواهب في الأبناء لتكوين
شخصيتهم السوية .
-
التعرف على عالم الطفل وخصائصه من خلال
قراءة كتب علم النفس .
الموازنة
بين التعليم المدرسي وزرع الفضائل في نفوس الأبناء :
المنهج المدرسي بشكل عام منهج سليم ويحث على
تربية النشء وإعداد المواطن الصالح ، لكن لماذا ينحرف الأبناء أخلاقياً ؟ ولماذا
يتأخرون دراسياً ؟ ومن يتحمل المسئولية : المدرسة أم البيت أم رفقاء السوء أم
أجهزة الأعلام ، أم كل هذه العوامل ؟
تربية الأبناء تكون من مسئولية :
-
البيت
- المدرسة
تقليص دور أحدهما يعني إيجاد خلل في نظام
تربية الطفل . أكد علماء التربية على دور البيت في تربية الأولاد ، والبيت عامل
أساس بينما دور المدرسة عامل مساعد لكنه مكمل لدور البيت وضروري . وقد يكون دور
المدرسة يتمثل في تلقين الطفل المبادئ والحقائق والأخلاق ويأتي دور البيت في تثبيت
هذه الثوابت ، والتأكيد عليها وتطبيقها في نفس الطفل من باب تكامل الجانب النظري
والجانب العملي .
تعاون الأبوين في تربية الأبناء :
نتيجة تعقيد الحياة اليومية وانشغال الأبوين
أو أحدهما عن دوره في تربية الابن يهمل
الأبناء ، أو لا يستطيع أحد الأبوين القيام بدوره بشكل مطلوب .
على الرغم من تأكيد الإسلام على دور الأب
ومسئوليته أمام ربه من باب " قوا أنفسكم وأهليكم " ، إلا أن التعاون مرغوب
ومطلوب في هذا العصر لأنه :
- ضرورة في تربية الأبناء .
- اتفاق الأبوين على أسلوب مطور للتربية
.
- الإيمان بأهمية توزيع الأدوار بينهما
.
-
قوامة الرجل ومسئوليته الدينية لا تمنع دور الأم في التربية .
تعديل شخصية الطفل :
يقصدبالشخصية ما يمتاز به الشخص من صفات
وسمات أو خصال ، وهي تعبر عن سلوكه وتصرفه في الفكر والقول والعمل .هذه الشخصية
موجودة في الطفل لكن تحتاج إلى تعديل .
يتأثر الطفل بخصائص الوراثة من أبويه ، فهو يرث منهما الصفات الوراثية ، وهذا يؤكد على
دور الوراثة الواضح في تكوين شخصية الطفل ، وعلى الأبوين العمل بكل جد صقل شخصية
ابنهما ، ولا يتوقعان أن الابن يأخذ كل الصفات الحميدة منهما ، وإنما بالتعليم
والتربية تتكون شخصية الطفل .
ويتأثر الطفل بنوع المعاملة التي يتلقاها من
أبويه ، حصر بعض التربويين عدة مواقف لمعاملة الأبوين لطفلهما التي تؤدي إلى
انحراف شخصية الطفل :
- الخضوع
الزائد لرغبات الطفل ( الدلال ) : وقد يصبح الطفل
منطوياً وانزوائياً ، وقد يدمر بعض أثاث البيت في حال عدم تلبية رغباته .
- طلب الكمال : مطالبة الطفل بإنجازات على
درجة من المهارة والإتقان تكون أعلى من مستواه وقدراته العقلية ، وقد يشعر
بالإحباط عندما لا يستطيع القيام بهذه الأعمال .
- الإفراط في التوجيه : زيادة مراقبة الطفل
وتوجيهه أو إعطائه الأوامر في كل كبيرة وصغيرة ، وعدم ترك حرية التصرف أو المبادرة
قد يلجأ الطفل إلى المماطلة أو التردد والنسيان أو على العكس من ذلك ، فقد يلجأ
إلى التمرد والعصيان والعناد .
- إغراق
الطفل بالحاجيات والإفراط بالخدمات : إغراقه بالألبسة
واللعب بشكل يفوق حاجته الفعلية ، فيشعر الطفل بالملل والضجر وضعف المبادرة
والحماس وضعف القدرة على بذل الجهد ( الكسل ) .
- الاهتمام الزائد بالجسم ووظائفه وأمراضه
: يبالغ الأهل في الأعراض المرضية الطفيفة التي تصيب الطفل ، فيشعر دائماً أنه
مريض أو يستغل هذا الاهتمام من الأهل في الضغط عليهم لتلبية رغباته بالتمارض أو
إهمال نظافة جسمه .
- الإفراط في العقاب : معاقبة الطفل على كل
خطأ كبير أو صغير بشدة لا تتناسب مع درجة الخطأ ، قد يكون الخطأ نتيجة عدم نضج
الطفل ، وإذا تكرر الخطأ في حال نضج الطفل يلجأ إلى المعاقبة بشروط .
- تحميل الطفل مسئوليات فوق طاقته : القيام
بأعمال الكسب لمساعدة الأهل ويحرم من فرص التعليم ، وقد يشعر الطفل بالكراهية ضد
الكبار الذين حرموه من اهتمامه وطفولته .
- الإهمال : أي عدم توفير الوقت للاعتناء
بالطفل ومشاركته في اهتمامه وألعابه بما يناسب وتطوره العقلي والنفسي ، ويصبح لا
يستطيع عقد علاقات ود مع أصدقائه .
- الطرد : نتيجة
انفصال الوالدين يحرم الطفل من الحنان وقد
يطرد من أحدهما أو كلاهما ، ويشعر بالمرارة والوحدة والشعور بالنقص وعندما يكبر
يصب كراهيته على المجتمع .
(
مجلة العربي ، العدد 273 ، أغسطس 1981م )
نماذج
شخصية الطفل :
بعد هذا العرض لنماذج من شخصيات قلقة
ومنحرفة للطفل التي جاءت نتيجة سوء معاملة الأبوين لطفلهما ، إليك نماذج من
الشخصيات السوية للطفل :
1-
شخصية مفكرة : تعويد
الطفل على التفكير يؤكد على إنسانيته ، أي أنه إنسان مفكر وشخصية مبتكرة ، لا
تحاول أن تعطيه الحقائق على شكل " علب فارغة" ، بل اترك له الخيار في
اختيار ما يراه يناسب عمره ، مع توجيهه والسير في عالمه و التعرف على اهتماماته ،
وجعله يفهم أهمية التفكير ودوره وذلك من
خلال مهارة حل المشكلات أو الصعوبات التي
يتعرض لها الطفل : ألعاب تربوية – أشكال ورسومات .. ألخ .
2-
شخصية
مؤمنة : تعويد الطفل على الخير والابتعاد عن الشر ، وقد لا يفهم الطفل أبعاد
الخير والشر ، لكن بالتعلم يعرف أن الكذب شيء غير مرغوب فيه وأن الصدق خصلة يحبها
الناس .
3-
شخصية
معتمدة على نفسها : تدريب الطفل على الاعتماد على النفس ، لا تمد يد العون له
في البداية إلا بعد أن يعجز في الخروج من المأزق ، وهذا يعني انه تعلم تعلماً ذاتياً
، وتعود على حل مشكلاته بنفسه .
شكوى
الوالدين :
الأولاد الذكور أكثر حركة من البنات ،
غالباً ما يشتكي الوالدان من سلوك الأبناء الذكور ، هل يعرف الوالدان سبب مشكلة
الابن ؟ إذا عرفا ذلك عليهما علاج المشكلة وعدم التقاعس ، وإن صرف الوقت فقط
بتلبية حاجات الطفل المادية لا يعني حلاً للمشكلة بل قد يزيدها تعقيداً ، وإذا لم يعرفا الحل عليهما البحث والتحري
والاستعانة بأهل الخبرة .
إليكما بعض التجارب بهذا الصدد ، لمعرفة بعض
المشكلات وأسبابها وطرق العلاج :
الحالة
(1)
الشكوى
: كثير الحركة .
السبب
: طبيعة نمو جسمه وتصريف الطاقة باللعب .
طرق
العلاج : تخصيص وقت للعب وتنمية مواهبه .
الحالة
(2)
الشكوى
: يضرب أخوته الصغار .
السبب
: اهتمام الوالدين أكثر بالصغار –سوء معاملة الأبوين له - جذب انتباه الوالدين .
طرق
العلاج : الاهتمام به أيضا وتوزيع الحنان بين الأولاد .
الحالة
(3)
الشكوى
: يكذب .
السبب
: حال الخطأ – التعود – لفت انتباه – تقليد الكبار.
طرق
العلاج : تعليمه أن الكذب صفة غير حميدة –طرح البديل :الصدق .
الحالة
(4)
الشكوى
: لا يحب الدراسة .
السبب
: اللعب – عدم حب المدرسة – تأخر في الدراسة – الرسوب .
طرق
العلاج : تحبيبه الدراسة – المراجعة معه ، تشجيعه .
الحالة
(5)
الشكوى
: لا يصلي .
السبب
: حب اللعب – مشاهدة الرسوم المتحركة –عدم تعوده
على العبادة بسبب عدم غرس الوالدين في نفسه حب العبادة .
طرق
العلاج : إقامة حفل وتقديم هدية له عندما يصلي – اصطحابه للمسجد ، وعظه وإرشاده ، إلحاقه بدورات
صيفية .
قدم بعض التربويين حلولاً لبعض مشكلات
الأبناء من خلال التشجيع وتقديم الهدايا وشعور الولد وجود عقد بينه وبين والديه ،
فمثلاً يقول أوافق على أن أحصل على هدية على أن :
- أرتب الفراش بعد الاستيقاظ .
- المحافظة على نظافة البيت .
- الجلوس بهدوء أثناء تناول الطعام .
- استذكار الدروس .
- كتابة الواجبات المنزلية .
(
مشكلات الأطفال والمراهقين وطرق حلها ، ترجمة نزيه ونسيمة ، ص416)
ما
رأيك أيها الأب بهذا العقد ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق