الاثنين، 7 أكتوبر 2013

البرامج العملية في حل المشكلات الفردية والأسرية _ 4




البرامج العملية في حل المشكلات الفردية والأسرية ( الحلقة الرابعة ) 
برنامج التعامل مع الأولاد ( خاص بالأبوين )
الباحث / عباس سبتي

مقدمة :
     ينقسم هذا البرنامج إلى ثلاثة أقسام ، قسم يعالج كيفية تربية الطفل ، وقسم يعالج كيفية تربية المراهق ، وقسم يتناول التدريب على العبادة .

ولا بد من معرفة الحقائق التالية قبل الاطلاع على البرنامج :
-  أثر التربية والوراثة في هذه تربية الأبناء ، هناك عوامل أخرى ، ولكن ألا يعير  ( يعيب ) أحد الزوجين الطرف الآخر عندما يرى عيوب الطرف الثاني  في الأولاد .

-       معرفة خصائص نمو الأبناء عن طريق قراءة كتب علم النفس والأبحاث التي تتناول انحراف الأطفال والشباب .

-  الإنسان مكون من روح وجسم لكل منهما غرائزه وميوله وكل عامل له تأثير على الآخر ، وأن لا يشبع جانباً دون جانب لآخر .

-       ذنب الطفل والمراهق يختلف عن ذنب الكبير ، ولو أن المراهق في سن التكليف مسئول أمام ربه عن ذنوبه .

-   تربية الطفل لا تبدأ عندما يولد ويفهم أبويه ، بل قبل انعقاد نطفة الرجل والمرأة ، وذلك عند اختيار الإنسان الطعام المزكي والطاهر ، وإيمانه أن هذا الطعام له دور في صلاح الذرية ، واختيار الشريك الكفء والصالح لبناء الأسرة الصالحة . 

القسم الأول : برنامج تربية الطفل :
     يقصد بهذا البرنامج تربية الطفل ورعايته قبل الولادة وإلى مادون سن المراهقة (1-12 سنة) .إن تربية الإنسان من أعقد المسائل يتعامل معها العالم والجاهل شاءا أم أبيا ، لكن الكثير لا يعر لعامل التربية واختيار المنهج (البرنامج ) أي اهتمام ، وأن سلبية دور الأبوين في تربية الأولاد يعني تأثر الأولاد بالأجواء الخارجية وضمور  أثر  عامل الوراثة.

     عوامل مؤثرة في تربية الأبناء :
-  إن اختيار الزوج لشريك حياته عامل حاسم في حسن تربية أبنائه أو في سوء تربيتهم ، جاء في الحديث النبوي " اتخذوا لنطفكم فإن العرق دساس " ، وجاء أيضا " السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه " . يقصد بالعرق الخلايا والكروسومات الوراثية فإذا كان الأبوان منحرفين أخلاقياً ، يكون الابن منحرفاً في الغالب .

-   الغذاء السليم :الغذاء المشبوه والغذاء النجس يترك أثراً سلبياً في تكوين الجنين ، وعلى الأبوين مراعاة حسن اختيار الطعام الجيد  وغير المحرم إذا أرادا طفلاً سوياً خالياً من العقد النفسية أو الانحرافية .

-  الكوارث الطبيعية : الزلزال والطوفان ومقابلة قرص الشمس لها أثر على نفسية الجنين حال الجماع  ، لأنها لا تجعل الأم الحامل في وضع طبيعي .

-   توازن الجسم والروح : إن اهتمام أكثر بمتطلبات الجسم المادية من أكل وملبس وأثاث ..ألخ على متطلبات الروح ، يعني وجود خلل في نظام تربية الطفل ، كذا الدلع والدلال الزائد ودون توجيه وإرشاد يحطم نفسية الطفل ويصبح آلة أو شيء من الأشياء دون مراعاة شعوره وفكره وعدم إحساس الحدث بكيانه وشخصيته ، يؤدي غالباً إلى انحرافه كما تقول إحصائيات انحراف الأحداث (الأولاد في 12-17 سنة) .

-  أثر البيئة : البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان . الطفل الذي يذهب إلى المدرسة يتأثر بتلاميذ المدرسة ، والولد الذي يلعب في الحارة ( الفريج ) يتأثر بأصدقائه ، وأصدقاء الأب يؤثرون على فكر الأب ،وزميلات الأم لهن الأثر السلبي أو الإيجابي على شخصية الأم ، وأجهزة الأعلام والتكنولوجيا سلبت من الآباء أولادهم وأصبحوا  أشياء تشكلها هذه الأجهزة كيف تشاء .

     تعلم الأخلاق والسلوك السوي :
    يأخذ الطفل من أبويه الصفات الحسنة أو السيئة ، فقد يكون الطفل مطيعاً دون أن نبين له مفهوم الطاعة وأثرها عليه ، أو يعرف وجوب طاعة الوالدين ، كما أن عناد الطفل يسبب مشكلة للأبوين إلا إذا حاولا معرفة أسباب هذا العناد والبحث عن العلاج ، ولا يمكن التغلب على عناد الطفل بالشدة عليه أو قسوة التعامل معه .

ماذا يقصد بالأخلاق ؟
     كل أب وأم يريدان أن يكون ابنهما ابناً صالحاً وسوياً ، لكن ما مفهوم الأخلاق في نظر الأبوين  ؟

اختر الإجابة المناسبة :
-       الأخلاق التي ورثها الأبوان من الآباء والأجداد .
-        الأخلاق التي يتعلمها الطفل في المدرسة .
-       الأخلاق في نظر وعرف الناس .
-        الأخلاق التي يريدها تعالى وحث عليها ( في القرآن وكتب الأحاديث ) .

     قد لا تكون الإجابة مهمة في نظر بعض الآباء ، لكن تربية الطفل على الأخلاق الفاضلة هو الهدف المطلوب في نظر من يبحث عن برنامج لتربية أولاده .
من يعلم الطفل الأخلاق الحسنة ؟
     لا يهتم بعض الآباء من يعلم طفلهما هل :
     - المدرسة ؟
     - أصدقاء صالحون أو أصدقاء سوء ؟
     -  أجهزة الأعلام ( القنوات الفضائية ، الصحافة .. مواقع التواصل الاجتماعي ) ؟

     ولكن ألا تتفق معي في أن للأبوين دورًا كبيراً في صقل شخصية الابن ؟

     ما المنهج الأخلاقي الذي نريده لأولادنا ؟
     روي عن نبي الإسلام " أدبني ربي فأحسن تربيتي " ، وقال تعالى في مورد مدح لنبيه "وإنك لعلى خلق عظيم " . إذا كان الأبوان مسلمين ولم يتأثرا بالمنهج الغربي في التربية فأنهما يختاران المنهج الأخلاقي من منظور الإسلام . الإسلام دين غني بهذا المنهج ، وعلى الأبوين القيام بما يلي :
-       الاطلاع الواسع في كتب الأخلاق لتكوين خلفية أخلاقية يمكن نقلها للأبناء .
-        تعلم الأخلاق  من علماء الأخلاق الأفاضل .
-        تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق الفاسدة ، وكلما كان الأبوان صالحين ، كلما تأثر بصلاحهما الأبناء .
-        مواصلة غرس الأخلاق والفضائل في نفوس الأبناء ومراقبة أي انحراف في سلوكهم لتعديل هذا الانحراف .
-        تفجير الطاقات والمواهب في الأبناء لتكوين شخصيتهم السوية  .
-       التعرف على عالم الطفل وخصائصه من خلال قراءة كتب علم النفس .

     الموازنة بين التعليم المدرسي وزرع الفضائل في نفوس الأبناء :
     المنهج المدرسي بشكل عام منهج سليم ويحث على تربية النشء وإعداد المواطن الصالح ، لكن لماذا ينحرف الأبناء أخلاقياً ؟ ولماذا يتأخرون دراسياً ؟ ومن يتحمل المسئولية : المدرسة أم البيت أم رفقاء السوء أم أجهزة الأعلام ، أم كل هذه العوامل ؟

 تربية الأبناء تكون من مسئولية :   
     -  البيت
     - المدرسة

     تقليص دور أحدهما يعني إيجاد خلل في نظام تربية الطفل . أكد علماء التربية على دور البيت في تربية الأولاد ، والبيت عامل أساس بينما دور المدرسة عامل مساعد لكنه مكمل لدور البيت وضروري . وقد يكون دور المدرسة يتمثل في تلقين الطفل المبادئ والحقائق والأخلاق ويأتي دور البيت في تثبيت هذه الثوابت ، والتأكيد عليها وتطبيقها في نفس الطفل من باب تكامل الجانب النظري والجانب العملي .

     تعاون الأبوين في تربية الأبناء :
     نتيجة تعقيد الحياة اليومية وانشغال الأبوين أو أحدهما عن دوره في تربية الابن  يهمل الأبناء ، أو لا يستطيع أحد الأبوين القيام بدوره بشكل مطلوب .
     على الرغم من تأكيد الإسلام على دور الأب ومسئوليته أمام ربه من باب " قوا أنفسكم وأهليكم " ، إلا أن التعاون مرغوب ومطلوب في هذا العصر لأنه :
         - ضرورة في تربية الأبناء .
         - اتفاق الأبوين على أسلوب مطور للتربية .
         - الإيمان بأهمية توزيع الأدوار بينهما .
         -  قوامة الرجل ومسئوليته الدينية لا تمنع دور الأم في التربية .

     تعديل شخصية الطفل :
     يقصدبالشخصية ما يمتاز به الشخص من صفات وسمات أو خصال ، وهي تعبر عن سلوكه وتصرفه في الفكر والقول والعمل .هذه الشخصية موجودة في الطفل لكن تحتاج إلى تعديل .
     يتأثر الطفل بخصائص الوراثة من أبويه ،  فهو يرث منهما الصفات الوراثية ، وهذا يؤكد على دور الوراثة الواضح في تكوين شخصية الطفل ، وعلى الأبوين العمل بكل جد صقل شخصية ابنهما ، ولا يتوقعان أن الابن يأخذ كل الصفات الحميدة منهما ، وإنما بالتعليم والتربية تتكون شخصية الطفل .

     ويتأثر الطفل بنوع المعاملة التي يتلقاها من أبويه ، حصر بعض التربويين عدة مواقف لمعاملة الأبوين لطفلهما التي تؤدي إلى انحراف شخصية الطفل :
-  الخضوع الزائد لرغبات الطفل ( الدلال ) : وقد يصبح الطفل منطوياً وانزوائياً ، وقد يدمر بعض أثاث البيت في حال عدم تلبية رغباته .

-   طلب الكمال : مطالبة الطفل بإنجازات على درجة من المهارة والإتقان تكون أعلى من مستواه وقدراته العقلية ، وقد يشعر بالإحباط عندما لا يستطيع القيام بهذه الأعمال .

-   الإفراط في التوجيه : زيادة مراقبة الطفل وتوجيهه أو إعطائه الأوامر في كل كبيرة وصغيرة ، وعدم ترك حرية التصرف أو المبادرة قد يلجأ الطفل إلى المماطلة أو التردد والنسيان أو على العكس من ذلك ، فقد يلجأ إلى التمرد والعصيان والعناد .

-  إغراق الطفل بالحاجيات والإفراط بالخدمات : إغراقه بالألبسة واللعب بشكل يفوق حاجته الفعلية ، فيشعر الطفل بالملل والضجر وضعف المبادرة والحماس وضعف القدرة على بذل الجهد ( الكسل ) .

-   الاهتمام الزائد بالجسم ووظائفه وأمراضه : يبالغ الأهل في الأعراض المرضية الطفيفة التي تصيب الطفل ، فيشعر دائماً أنه مريض أو يستغل هذا الاهتمام من الأهل في الضغط عليهم لتلبية رغباته بالتمارض أو إهمال نظافة جسمه .

-   الإفراط في العقاب : معاقبة الطفل على كل خطأ كبير أو صغير بشدة لا تتناسب مع درجة الخطأ ، قد يكون الخطأ نتيجة عدم نضج الطفل ، وإذا تكرر الخطأ في حال نضج الطفل يلجأ إلى المعاقبة بشروط .

-   تحميل الطفل مسئوليات فوق طاقته : القيام بأعمال الكسب لمساعدة الأهل ويحرم من فرص التعليم ، وقد يشعر الطفل بالكراهية ضد الكبار الذين حرموه من اهتمامه وطفولته .

-   الإهمال : أي عدم توفير الوقت للاعتناء بالطفل ومشاركته في اهتمامه وألعابه بما يناسب وتطوره العقلي والنفسي ، ويصبح لا يستطيع عقد علاقات ود مع أصدقائه .

-  الطرد : نتيجة انفصال الوالدين  يحرم الطفل من الحنان وقد يطرد من أحدهما أو كلاهما ، ويشعر بالمرارة والوحدة والشعور بالنقص وعندما يكبر يصب كراهيته على المجتمع  .
     ( مجلة العربي ، العدد 273 ، أغسطس 1981م )

     نماذج  شخصية الطفل :
     بعد هذا العرض لنماذج من شخصيات قلقة ومنحرفة للطفل التي جاءت نتيجة سوء معاملة الأبوين لطفلهما ، إليك نماذج من الشخصيات السوية للطفل :
1-   شخصية مفكرة : تعويد الطفل على التفكير يؤكد على إنسانيته ، أي أنه إنسان مفكر وشخصية مبتكرة ، لا تحاول أن تعطيه الحقائق على شكل " علب فارغة" ، بل اترك له الخيار في اختيار ما يراه يناسب عمره ، مع توجيهه والسير في عالمه و التعرف على اهتماماته ، وجعله يفهم أهمية التفكير ودوره  وذلك من خلال مهارة  حل المشكلات أو الصعوبات التي يتعرض لها الطفل : ألعاب تربوية أشكال ورسومات .. ألخ .

2-    شخصية مؤمنة : تعويد الطفل على الخير والابتعاد عن الشر ، وقد لا يفهم الطفل أبعاد الخير والشر ، لكن بالتعلم يعرف أن الكذب شيء غير مرغوب فيه وأن الصدق خصلة يحبها الناس .

3-    شخصية معتمدة على نفسها : تدريب الطفل على الاعتماد على النفس ، لا تمد يد العون له في البداية إلا بعد أن يعجز في الخروج من المأزق ، وهذا يعني انه تعلم تعلماً ذاتياً ، وتعود على حل مشكلاته بنفسه . 

شكوى الوالدين :
     الأولاد الذكور أكثر حركة من البنات ، غالباً ما يشتكي الوالدان من سلوك الأبناء الذكور ، هل يعرف الوالدان سبب مشكلة الابن ؟ إذا عرفا ذلك عليهما علاج المشكلة وعدم التقاعس ، وإن صرف الوقت فقط بتلبية حاجات الطفل المادية لا يعني حلاً للمشكلة بل قد يزيدها تعقيداً  ، وإذا لم يعرفا الحل عليهما البحث والتحري والاستعانة بأهل الخبرة .

     إليكما بعض التجارب بهذا الصدد ، لمعرفة بعض المشكلات وأسبابها وطرق العلاج :

الحالة (1)
الشكوى : كثير الحركة .
السبب : طبيعة نمو جسمه وتصريف الطاقة باللعب .
طرق العلاج : تخصيص وقت للعب وتنمية مواهبه .

الحالة (2)
الشكوى : يضرب أخوته الصغار .
السبب : اهتمام الوالدين أكثر بالصغار سوء معاملة الأبوين له - جذب انتباه الوالدين .
طرق العلاج : الاهتمام به أيضا وتوزيع الحنان بين الأولاد .

الحالة (3)
الشكوى : يكذب .
السبب : حال الخطأ التعود لفت انتباه تقليد الكبار.
طرق العلاج : تعليمه أن الكذب صفة غير حميدة طرح البديل :الصدق .

الحالة (4)
الشكوى : لا يحب الدراسة .
السبب : اللعب عدم حب المدرسة تأخر في الدراسة الرسوب .
طرق العلاج : تحبيبه الدراسة المراجعة معه ، تشجيعه .

الحالة (5)
الشكوى : لا يصلي .
السبب : حب اللعب مشاهدة الرسوم المتحركة عدم تعوده على العبادة بسبب عدم غرس الوالدين في نفسه حب العبادة .
طرق العلاج : إقامة حفل وتقديم هدية له عندما يصلي اصطحابه للمسجد ، وعظه وإرشاده ، إلحاقه بدورات صيفية .

     قدم بعض التربويين حلولاً لبعض مشكلات الأبناء من خلال التشجيع وتقديم الهدايا وشعور الولد وجود عقد بينه وبين والديه ، فمثلاً يقول أوافق على أن أحصل على هدية على أن :
     - أرتب الفراش بعد الاستيقاظ .
     - المحافظة على نظافة البيت .
     - الجلوس بهدوء أثناء تناول الطعام .
     - استذكار الدروس .
     - كتابة الواجبات المنزلية . 
( مشكلات الأطفال والمراهقين وطرق حلها ، ترجمة نزيه ونسيمة ، ص416)
ما رأيك أيها الأب بهذا العقد ؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق