الاثنين، 7 أكتوبر 2013

البرامج العملية في حل المشكلات الفردية والأسرية _ 6




البرامج العملية في حل المشكلات الفردية والأسرية ( الحلقة السادسة )
الوالدان وكيفية التعامل مع مرحلة المراهقة
بقلم / الباحث عباس سبتي

     مرحلة المراهقة مرحلة حرجة للأولاد والوالدين وقد يتصرف الابن المراهق تصرفاً غير مسئول فيسبب أذى أو مشكلات لوالديه بينما يرى المراهق أن هذا التصرف عادي ، في هذا التقرير نرصد بعض السلوكيات للمراهق وكيفية تعامل الوالدين معه  : 
     يختلف التعامل مع الطفل والتعامل مع البالغ ، وعلى الكبار معرفة الاختلاف بين عالمي الصغار والمراهقين ، وبالتالي معرفة  الاختلاف في مشكلات كل من الطفل والمراهق .
     يبلغ الولد بعد إكماله السن (15 سنة هجرية ، وقد يبلغ بعضهم  في سنة 12  ) ، وقد تبلغ البنت بعد إكمال سن ( 9 سنين هجرية ) .
     سن البلوغ تعد ولادة جديدة طور جديد في عمر الأبناء ، نتيجة تغيرات في جسم الولد أو البنت ، ويؤمر الأبناء في هذه السن بالواجبات وترك المحرمات ، مع التمهيد لهذه الأحكام قبل سن البلوغ ، ينبغي على الوالدين تغيير المعاملة في التعامل مع المراهق لأنه يشعر أنه قد كبر ، وقد يثور على الكبار إذا لم يعاملونه على أنه كبير .
     في بداية بلوغه يتردد المراهق في سلوكياته ، ولا يثبت على سلوك معين وثابت ، فتارة يتصرف أنه كبير وتارة كأنه طفل غير ناضج عقلياً ، بسبب النمو السريع ونقص المعلومات والخبرات ، وكثرة الأوامر الصادرة من الكبار له ، أو خوفه أن يلومه الكبار في بعض الأحيان يريد المراهق أن يعرف أين الصحيح وأين الخطأ ؟ ولو أن ذلك لا يمثل أمراً هاماً له ، إلا أن ذلك يعكس تبلور في شخصيته ، وأنه يعمل ما يراه مناسباً أو يعمل ما يعمله زملاؤه مثل التدخين بالنسبة للذكور ، والاهتمام بأزياء الملابس وتسريحة الشعر كما بالنسبة للبنات .ويعيش المراهق في خياله وأوهامه (أحلام اليقظة ) , ولا يهتم بالجوانب العقلية لأنها تخص عالم الكبار  وقد العقل يعيق مغامراته ، لذا لا يتقبل من الكبار نصائحهم  ، بينما قد يتقبل من أكبر منه سناً من الشباب ومن أصدقائه لأنه يشترك معهم في بعض القضايا ويؤيدهم ويهتم باهتماماتهم ويستمد شخصيته منهم .
     من الأمور التي هي موضع الخلاف بين الشباب والمراهقين  وكبار السن مسألة تقليد المراهق للغير دون مراعاة للآداب والعادات في المجتمع ، فيرى الكبار تصرف المراهق تمرداً على أعراف  المجتمع ، بينما يعد المراهق ذلك الأمر شيئاً مألوفاً في نظر مجتمع الشباب.
     ويشعر المراهق بالخجل ويحمر وجهه عندما يتحدث مع الكبار وبالخصوص مع الإناث ، وتهدئ حركاته شبه الصبيانية  إذا ما رأى بنتاً ، ويطيل النظر في المرآة ويهتم بمظهره الخارجي لجذب انتباه الطرف المقابل (الأنثى) .
     قسم بعض علماء النفس تقسيماً لنماذج المراهقين ، هناك نموذج تقليدي وشكلي الذي يحترم أعراف المجتمع ومبادئ الدين ،الذي تربى في بيئة متدينة ، ونموذج مثالي وقد يثور ويتمرد على تقاليد المجتمع ، خاصة إذا تقدم في سن المراهقة ويطلب الإصلاح بعد أن يتأثر بقدوة تدعو إلى الإصلاح والتغيير ، وهو من أوائل من يلتحق بصفوف المعارضة ويشترك في المظاهرات ، ونموذج باحث عن اللذة وإشباع أية غريزة فيه ويرتاد أماكن اللهو ، ويتصف هذا النموذج بالغربة والانفصال النفسي في البيئات المحافظة على العادات وأعراف الدين ، ونموذج مضطرب عقلياً (Psychopathic   ) علاقته باردة بالآخرين ولا يهتم بمشاعر الناس ، ويطلب اللذة الشخصية ويميل إلى تدمير وخراب إرضاء لنزواته .
( الإنسان وعلم النفس ، عالم المعرفة ،العدد 86 ، فبراير1985،الكويت ،ص140 ) .


مشكلات الشباب :
     في دراسة لـ( ويكمان- Wikman ) عن المخالفات السلوكية التي يرتكبها المراهق في المدرسة الثانوية ، وجد تشابهاً بين هذه المخالفات في دول العالم عندما طبقت قائمة المشكلات في مدارس دول أوربا الغربية  وأمريكا ، وعدلت هذه القائمة لتلائم طبيعة المجتمع الكويت فأظهرت الدراسة على وجود هذه المخالفات في مدارس الكويت ، ولكن أهم المشكلات هي :
-       فقدان الميل للعمل المدرسي .
-       الميل للفوضى أو التهرج والسخرية من الآخرين .
-       عدم تقبل النصح والإرشاد من الكبار .
-       الكسل والخمول .
-       عدم القدرة على التركيز .
-       الوقاحة في التعامل .
-       تعاطي التدخين والمخدرات .
-       الهروب من المدرسة .
-       العناد .
-       الاتكالية والاعتماد على الآخرين .
-        الدلال الزائد .

( دراسة بهادر ،1979، الكويت) .

ضع علامة ( ) أمام المشكلة التي يعاني منها ابنك وابنتك ، ولا تقلق خاصة إذا فكرت في الحل ، واتبعت طرق العلاج في هذا البرنامج .
 
     هناك مشكلات أخرى عرضتها الدراسة لكن المشكلات السابقة هي الأكثر وجوداً وخطورة في مدارس الكويت .وسوف تتعرف على مشكلات أخرى .
     قد يأتي على بال الوالدين  مشكلات أخرى يعاني منها ولدهما  ، لكن لم يفكر بعض الوالدين بدورهما في توجيه الابن البالغ الذي تثور عنده غريزة الجنس (الشهوة ) وقد يتعرض إلى ارتكاب المحرم في الخفية ، وعلى الآباء أن  يبينا للأولاد  البالغين النتائج الوخيمة للسلوك الجنسي ومنها العقاب القانوني (الوضعي ) والحذر بالعقاب الإلهي .

يمكن للوالدين اتباع ما يلي :
-       معرفة عالم المراهقة وخصائصه وكيفية التعامل مع شريحة المراهقين والشباب .
-       تنمية المشاعر الدينية والأخلاقية في نفوس الأبناء وتنمية الوازع الديني .
-       تمثيل الوالدين دور القدوة الصالحة .
-       ابتعادهم عن رفقاء السوء وحثهم على البحث عن الرفقاء الصالحين .
-  بيان طور البلوغ وعلاماته وأثره على الولد وكيفية كبت الغريزة (الشهوة) من خلال ممارسة الرياضة وتنمية الهوايات وأشغال وقت الفراغ وقراءة الكتب الأخلاقية ومشاهدة الأفلام التي تحث على الأخلاق والإقتداء بالصالحين .
-  إلحاق البالغ بدورة الدراسات الصيفية التي تقام في العطلة الصيفية ومتابعته ليقضي على وقت  الفراغ ، وليتعلم ما ينفعه .

ماذا يريد المراهقون ؟
-       إثبات وجودهم في مجتمع الكبار ، علماً أنهم يريدون مجتمعاً خاصاً بهم .
-       التمرد على بعض الأعراف والقيم الثابتة .
-       القيام بالمغامرات وكشف المجهول .
-       توسعة الخيال وأحلام اليقظة والبعد عن الواقع .
-       تفجير الطاقات الجسمية بالرياضة وغيرها .
-       إشباع بعض الغرائز الملحة .
-       تجربة كل صرخة وجديد من الملبس وغيره .
-       تقليد الكبار في بعض السلوكيات مثل التدخين وتعاطي المخدرات .
-       الاستقلالية عن الوالدين والاعتماد على النفس .
-       السهر خارج المنزل إلى ساعات متأخرة من الليل .
-       إصدار الأوامر والنواهي إلى الأخوة الصغار .

ماذا تريد المراهقة ؟ 
-       صديقة وزميلة تبث لها أفكارها وأحلامها .
-       تقليد أهل الفن من الممثلات والمطربات .
-       المداومة على مشاهدة الأفلام العاطفية والاجتماعية .
-       العيش في أحلام اليقظة فتود أن تكون عروساً أو أجمل فتاة أو أماً أو نجمة سينمائية .
-  وقد تعيش بعض الفتيات الكبيرات حالة روحية وتتخذ لنفسها قدوة من الصالحين ولا تميل إلى الزواج والانخراط في عالم الناس ( رابعة العدوية ) ، إلا أن تلك الحالة لا تديم .

تربية المراهق على الفضائل :
     يحتاج المراهق إلى صديق قبل الأب وإلى زميل قبل الأخ والأم ، فالمراهق الذي يزامل صديقاً يوماً ما يصبح عنده أفضل من أخيه وأبيه ، لأن هذا الصديق تحدث معه بهدوء وراعى مشاعره واحترم شخصيته ، وهذا يعني التأكيد على دور الأبوين في تأديب الولد منذ الصغر ومرافقته كاخ كلما كبر .
     يظهر الخلاف بين الأبوين في بعض الأمور المتعلقة بابنهما المراهق ، وذلك بسبب  اختلاف معاملة الأب عن معاملة الأم للولد ، فقد يعامل الأب المراهق بقسوة وشدة خاصة إذا قصر بالمدرسة أو لم يصلي أو يؤخر صلاته ، أو تأخر عن المنزل في الليل أو يحاول فصل الابن عن زملائه ورفقائه ( السوء ) ، وعدم تلبية طلب الابن عندما يطلب" موبايل" بسبب أن ذلك يشغل الولد عن الدراسة ، وهدر في الأموال ، وعقد علاقات مع الجنس الآخر .في المقابل تأخذ الأم العاطفة والحنان تؤيد عدم تعنيف الابن لأنه كبير ، ولا يمكن فصله عن زملائه وقد يعيروه بأنه صغير ويخاف من والده فيعيش المراهق  الصراع النفسي وأن اقتنائه جهاز " النقال " من أجل ألا يصبح شاذاً بين زملائه .
     قبل تأديب الحدث ( المراهق ) لا بد من توفر الجو الأسري السليم الذي يترعرع فيه المراهق ، وبالتالي يحب أن يوجد الولد  في المنزل مع توفر الثقة بالنفس وشعوره بأنه إنسان له رأي  ، ثم يأتي دور الأدب والتوجيه ، وإذا لم يجد المراهق فارقاً بين مجالسة أبيه وأخيه الأكبر وبين صديق تجده سرعان ما يتعلم الأخلاق من البيت أكثر ما يقلد غيره من الشباب بأعمالهم ، وقد يعيش المراهق التناقض في نفسه ، إذ يأتي نداء الضمير من خلال ما تعلمه في الأسرة باحترام المقدسات وبين صرخة نزوات المراهقة والبحث عن الذات والتمرد على أعراف المجتمع ، خاصة إذا تلقى بعض الآداب في البيت والمدرسة ولم يجد لها تأثير على أفراد المجتمع .
     تشكوا بعض الأمهات أن ابنها أو ابنتها لا يلتزم بالواجبات . تارة لا يتلقى الابن مبادئ الدين والآداب منذ الصغر ، فكيف يمكن إخضاعه لهذه المبادئ ؟  وتارة تعطى له جرعات قليلة من هذه الآداب مع عدم المتابعة إلى سن المراهقة فينسى الولد ما تعلمه في البيت والمدرسة ، ودور متغيرات العصر في تشكيل شخصيته .
     قد تكون الشكوى مصحوبة بالتهديد والوعيد من جانب الأبوين على المراهق فيكبت عناده نتيجة الخوف من الأب ، لكن قد يفجر هذا الكبت فيما بعد بالتجاوزات على القيم وغيرها ومن مظاهرها إتلاف المرافق العامة والخاصة في المجتمع .
     وتارة يرى المراهق أن أمه تعامل أخته معاملة فيها نوع من الاحترام وتهتم بها بينما يجد القسوة منها ، فكيف يسمع كلام الأم ؟
     على الأمهات والآباء عدم اليأس من تصرفات الأولاد الكبار خاصة ، بل عليهم الجد والمثابرة في كشف وإيجاد الحلول لمشكلة المراهقة التي تصادف كل أسرة ، من خلال الإطلاع الموسع في كشف غور سبر عالم الطفولة والمراهقة في كتب التربية والأخلاق .
     تسمع من بعض الخطباء أحاديث عن انحراف الشباب ، ودور الوالدين ومسئوليتهم بهذا الانحراف ، وأنهم لا يسألون أبناءهم أين يذهبون ومن أصدقاؤهم ولا يحاولون أن يفتشوا عن حاجياتهم الخاصة لمعرفة ما إذا كان يدخن الحدث أو يقتني صوراً خليعة أو لديه شريط فيديو لفيلم فاضح .
     إن هذه الحلول لا تحل المشكلة طالما لم يهتم الأب بابنه منذ الصغر فهو لا يستطيع أن يعدل سلوك ابنه المراهق بين ليلة وضحاها . أين كان الأب ؟ هل كان ضائعاً هو الآخر ؟ هل كان مقصراً وغير مهتم بتربية أولاده ؟ أو أنه تأثر بكلام الخطيب ( فلان ) في الوقت الضائع مثلاً ؟ .

     سمعت عن أب متدين لم يرض عن سفر ابنه الشاب مع أصدقائه فاغتاظ ، ولم تمض أيام إلا وسمع خبر وفاته بحادث سيارة في الطريق ، فتألم الأب نفسياً لماذا ؟ هل على أساس أنه لم يرض عن عمل ابنه فلم يرض تعالى عنه أيضا فتعرض إلى الهلاك ؟ أم أنه دعا على ابنه أم أوحى له الناس بأنه السبب في موت ابنه ؟ على أي حال مات الأب بعد الابن أيضا .

 نستفيد من هذه الحكاية ما يلي :
-       التعامل مع المراهق بحنكة وحكمة .
-       مواصلة تعليم وتربية الأولاد منذ الصغر .
-  معرفة الأب من البداية أنه مسئول عن أولاده وليس صحيحاً أن يتقاعس عن مسئوليته وواجبه ثم بعد أن ينتبه من غفلته يعقد المشكلة .
-       على الآباء تعلم كيفية تربية الأولاد تربية سليمة .
-  ألا يعيش الأب إنابة الضمير والشعور بالإثم أو الإحباط نتيجة  تقصيرات الابن أو أن كلامه غير مؤثر في ابنه ، إن هذه الإنابة أو اليأس قد يجعله يقسو في معاملة الابن أو يهمل تربيته .
-  إذا بلغ الولد يجب على والده أن يتحدث معه كما يتحدث مع الكبير وإذا أخطأ لا يحاول ضربه كما يضرب الصغير بل عليه أن يعلمه أنه أخطأ ويعلمه ما هو الخطأ ويعلمه إذا أخطأ أن يعتذر عن خطأه أو يطلب المغفرة من ربه في حالة ارتكاب الذنب .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق