الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

الرعاية المنزلية للمسن أولا وأخيراً




الرعاية المنزلية للمسن أولا وأخيراً
الباحث التربوي والاجتماعي : عباس سبتي

مقدمة :
     انتشار ظاهرة إيواء كبار السن في مؤسسات رعاية المسنين ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتحقيق وهذا ما فكرت به دول العالم ، وهي تنظر إلى الإنسان على أنه أساس الحضارة الإنسانية وملهم فكرة تقدم البلدان ، وأنه ما  أن عجز وضعفت قواه البدنية والصحية و... نساه ذووه بل وأصبح في خانة المهملات .
     ظهرت صيحات من هنا وهناك بعد تزايد أعداد المسنين في دول العالم نتيجة التقدم الصحي ، مع تقليل إنجاب في عدد الأطفال في الأسرة ، وأصبح يعرف في أوربا مجتمع الشيخوخة ، وتزايد عدد مؤسسات رعاية كبار السن ولكن هذه المؤسسات ذات حجم الاستيعاب محدود لاستقبال العجزة الجدد ، لا تعد قادرة لاستيعاب الأعداد الكبيرة لكبار السن الذين يحتاجون رعاية خاصة التي  لا تتوفر في المنازل ، ثم أن جيل الشباب لا يعد يحترم المسن نتيجة ضعف العلاقات الاجتماعية بين الناس في كثير من دول العالم ، بل وظهر ما يعرف في الغرب ب " الإساءة إلى كبار السن " وانتقلت هذه العدوى إلى الدول العربية ، وتوجد أسباب لهذه الإساءة منها : العنف العائلي والإدمان على المخدرات والمسكرات ، وضعف الوازع الديني .
     وانتشرت ظاهرة الانتحار بين المسنين ففي الولايات المتحدة تزايد عدد المنتحرين من كبار السن بسبب سوء المعاملة والعزلة الاجتماعية والاكتئاب والعجز والإفلاس ، حتى أن كلفة رعاية المسن تشكل عبأ كبيراً على أسرته وعلى الدولة لذا يفقد المسن الأمل فيمن يرعاه فيلجأ إلى الانتحار .
     نادى كثير من المؤتمرات التي تعالج قضايا المسنين بإدخال طب الشيخوخة في مناهج كليات الطب في دول العالم ، وذلك بعد تزايد أعداد المسنين وعجز أفراد الأسر والدول من توفير كل الرعاية المطلوبة للمسنين خاصة الأمراض التي تنتابهم مثل أمراض عضوية سلس البول وهشاشة العظام وأمراض الكلى الكبد والقلب والسكر والضغط  ، وفقد التوازن أو السقوط عند المشي  وأمراض نفسية كالنسيان المزمن والكآبة والعزلة .
     سنت كثير من الدول منها الكويت تشريعات لحماية المسنين أو لمن يسيء إلى المسن وهو ما يعرف بعقوق المسن .

الرعاية المنزلية :
     اهتمت كثير من دول العالم المتقدمة والنامية والفقيرة على رعاية المسن في المنزل وأنها أفضل في كثير من حالات الرعاية في المؤسسات الخاصة العامة والخاصة ، وذلك من خلال :

توعية الفرد :
     المسن هو من بدأ يعيش بعد التقاعد وبدأت بعض أجهزة أعضاء جسمه بطيئة العمل أو تتوقف بعضها ، ويحتاج إلى رعاية  صحية أولية ونفسية لكن عليه الاهتمام أكثر بأكله وبنومه وتنظيم أموره حتى يتغلب على الأمراض التي تنتاب فئة المسنين ، وهذا ما نستعرضه خلال برنامج عملي يتبعه المسن ليحافظ على صحته الجسدية والنفسية والعقلية .

توعية الأسرة :
     تبنت دول الخليج برنامج الرعاية الأسرية للمسن وذلك بتقليل من إنشاء مراكز ودور لرعاية المسنين ، و توعية أفراد الأسرة بأهمية الرعاية المنزلية خاصة إذا لم يعاني المسن لديهم الأمراض العضوية والمزمنة ، وتشمل التوعية كيفية تقديم نظام غذائي صحي للمسن وقياس ضغط الدم والسكر بشكل دوري ، وتهيئة سرير طبي وتعيين ممر ض أو ممرضة حسب جنس المسن إذا اقتضت الحاجة  ، وتعريف الأسر بأمراض الشيخوخة وكيفية التعامل معها  ، وتعليم المسن الرعاية الذاتية في بعض الحالات بحيث يعتمد على نفسه ، وتقديم الاستشارات النفسية والاجتماعية لراعي المسن أولاً بأول، وشجعت بعض الدول الخليجية المجتمع المدني بمد يد العون والمساعدة وتوفير الخدمات اللازمة لفئة المسنين  ، إقامة حفلات أعياد الميلاد للمسنين ،وإقامة ورش عمل لأرباب وربات المنازل في كيفية التعامل مع كبير السن والذي يحتاج إلى رعاية خاصة ، وإشراك المسن في الحياة الاجتماعية للأسرة للتغلب على عامل الوحدة والعزلة .

 توعية المجتمع :
     تكفلت الدول بتوعية المواطنين باهتمام أكثر بفئة المسنين وبرعايتهم في المنازل من خلال أجهزة الأعلام المقروءة والمسموعة ونظمت بعض الدول حملات التوعية بهذا الخصوص مثل حملة توعية  في قطر باسم   حملة  " الوفاء " في عام 2008  ، وفي الكويت ظهر ما يعرف بجائزة الابن البار وهي فكرة السيد إبراهيم البغلي بالتعاون مع غدارة المسنين بوزارة الشئون .

تنمية الرعاية المنزلية :
     ولعل التأكيد على الرعاية المنزلية هو تقوية العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة ،وتذكير بدور المسن كأب وكجد وعامل في الوزارة عندما كان في عنفوان الشباب وهو يخدم وطنه ، وهذا التأكيد تحث عليه الدول ومنها دول الخليج ، وتشير إحدى الدراسات على أن ما  بين 70 و80% من المسنين من يفضل الأسرة أن  ترعى شئونه ، وأوصى مؤتمر أبو ظبي الدولي 2000 مساعدة طبية واجتماعية للأهالي الذين يرعون كبار السن في المنازل ، وتفعيل دور المسن في المجتمع وتفعيل برامج وقائية للمقبلين على مرحلة الشيخوخة والعجز وتوفير الظروف الصحية في البيئة التي يعيش بها المسنون وإجراء الدراسات على المسنين  ، مع دفع حوافز معنوية ومادية لمن يرعى المسن في المنزل ،و تقديم برامج لعلاج الاضطرابات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها المسن ، وإدخال تخصص طب الشيخوخة في مناهج كلية الطب وإقامة ورش عمل لأهالي المسن الذين يرعونه في المنزل ، وإصدار ميثاق دولي حول حماية المسن ، والعمل لبلوغ المسن الشيخوخة الصحية التي تنادي بها منظمة الصحة العالمية ، ونادى بعض على عقد دورات تدريبية وورش عمل على كيفية التعامل مع المسن ورعايته في المنزل .
     وحرصاً على حقوق المسن تقدم إدارة رعاية المسنين بوزارة الشئون بالكويت بتقديم خدمات نهارية ومسائية للمسن في المنازل وتشمل هذه الخدمات برامج وأنشطة علاجية نفسية واجتماعية صباحاً وبرامج العلاج الطبيعي والطبي والديني مساء ، وقد تطوعت الجمعيات الخيرية بتقديم هذه الخدمات على نفقتها تحت رعاية وزارة الشئون .
( جريدة الراي أكتوبر 2010 )       

     قادت قطر قبل سنين قليلة حملة باسم " الوفاء للمسنين " بهدف تقليل من دخول كبار السن في مؤسسات الرعاية وتوعية الأسر بفكرة " الرعاية المنزلية " للمسن .
     خاصة فئة الشباب الذين تناسوا فئة كبار السن بل ولا يحترم بعضهم هؤلاء لذا لا بد من توعية الأسر بأهمية رعاية المسن في المنازل وتهيئة أفرادها أنفسهم لكيفية رعاية المسن قبل أن يبلغ رب الأسرة سن العجزة .
     وأنشأت جامعة حلوان مركز بحثي وخدمي يعنى بفئة المسنين ، ويمتاز المركز بإجراء البحوث والدراسات في مجال رعاية كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية صحية ونفسية حيث يقضي المسن نهاره في المركز ويخضع للعلاج الطبيعي وغيره من رياضة المشي ، وفي المساء يعود إلى منزله كي لا يشعر بالوحدة في منزله خاصة في فترة الصباح في غياب ذويه خارج المنزل .
     اخترع أحد العلماء  الأمريكان كوخاً كمأوى ومسكن للمسن ينصب في المنزل أو في حديقة المنزل ذي تقنية عالية يوفر الرعاية للمسن ويكون المسن بقرب عائلته ، ولتقوية العلاقة بين المسن وأفراد أسرته ، ويحوي الكوخ سرير ومطبخ وحمام وكاميرا مراقبة وأجهزة قياس الضغط وصندوق أدوية ومكيف هواء لتلطيف الهواء ، وسوف يباع الكوخ في سنة 2011م  ـ  
     ولعل الظروف الاجتماعية لا تسمح في بلدان الخليج تبني هذا الاختراع لكن الاستفادة منه في توفير مكان صحي وملائم لجسم المسن ونفسيته داخل المنزل مطلب هام .

برنامج عملي لجليس المنزل :
     الإنسان المسن والعاجز عن الحركة العادية يمكن أن يقضي جل وقته في المنزل دون ضجر وسأم وفق برنامج مدروس لحالته الصحية والنفسية والاجتماعية ولهذا البرنامج خطوات وبنود يمكن أن تنفذ بعضها أو أقلها أو أكثرها حسب حالة المسن ، وهو برنامج عام يخدم كل أنواع حالات الشيخوخة والعجزة حتى الذي لا يستطيع ترك  فراشه .

عليه اتباع ما يلي :
-  طلب من أسرته  توفير الجو المناسب لتطبيق برنامجه ، أو وعي الأسرة بأهمية البرنامج للمسن ومساعدته .

-      تقسيم وقته في المنزل من أكل ونوم وتنمية هواياته ورياضة منزلية وعبادة .

-  الاشتغال بالأذكار والأوراد وتلاوة القرآن والصلوات المسنونة صباحاً ومساء صلاة الجماعة في مسجد قريب قدر الإمكان أو مرة واحدة في الأسبوع أو مرة في الشهر .

-      إتباع برنامج غذائي صحي يناسب عمره .

-  مساعدته بتنمية وتجديد مجال عمله قدر الإمكان بالكتابة والاستشارة ومتابعة الجديد على الفضائيات .

-      تنظيم رحلة خلوية له ولعائلته أسبوعياً أو شهرياً .

-  ممارسة علاج طبيعي أو رياضة منزلية  لتنشيط الدورة الدموية ونبضات القلب وتقوية العضلات بعد استشارة الطبيب .
  
توصيات هامة :
-  قد يكون من المفيد تزويج المسن خاصة الرجل الذي يحتاج إلى زوجة ترعى شئونه ، فهذا الزواج يفيد أكثر في رعاية المسن من قبل زوجته الجديدة على أن تتدرب على هذه الرعاية وتكون ممرضة له ليتغلب على وحدته ويشعر بطعم الحياة الاجتماعية .

-  ومن المفيد أيضا تنظيم رحلة أسبوعية أو شهرية  للعائلة بكاملها ومعها عميدها المسن كي يتغلب المسن على السام والروتين اليومي وتجديد نشاطه والترفيه عن نفسه .

-  توعية المسن بتجنب الإصابة بالحوادث مثل السقوط المفاجئ نتيجة فقد التوازن ،أو الانزلاق بالحمام أو عبور الشارع .

-      تأمين صحي لرعاية كبار السن على نفقة الدولة والمؤسسات الخاصة .

-      تعيين مساعد أو مساعدة يتكفل رعاية المسن في المنزل صحياً ونفسياً واجتماعياً .

-      وضع برنامج عملي يتبعه المسن وهو في المنزل وتحت رعاية من يرعاه من ذويه .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق