الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

لأغوينهم أجمعين - القسم الثاني / الجزء الأول




بحث لأغوينهم اجمعين
القسم الثاني : الملاحم والفتن
الباحث / عباس سبتي

     تزخر كتب الصحاح والسنن بتخصيص باب للفتن أو الملاحم التي ستحدث في آخر الزمان وأكثر الفتن تقع في المناطق العربية وبالذات في منطقة الشرق الأوسط .

شخصيات الأحداث:
     النبؤات أو المغيبات هي الأمور الغيبية التي جاءت في الكتب الدينية وتحكي ما يحدث في المنطقة العربية  ( الشرق الأوسط ) من الحروب والفتن على يد الشخصيات التي لها دور في إحداث آخر الزمان بعض هذه الشخصيات لها ارتباط بالسماء وبعضها من صنع الشيطان وإغوائه .

1- المهدي المنتظر :
     اتفق المسلمون إلا من شذ منهم على وجود شخصية المهدي من آل البيت ، واختلف أصحاب السنن والصحاح في وجوده فهناك من علماء العامة من قال أنه سيولد المهدي في آخر الزمان ومن علماء الخاصة من قال أنه ولد 255هج وأنه ابن الإمام الحسن العسكر ي (  1) ، الحكمة في ظهوره أو وجوده في آخر الزمان هو أن الأعداء وعلى رأسهم اليهود يخططون لضرب الإسلام بل وتحريفه والسيطرة على البلدان العربية ثقافيا وأيدلوجيا .
     أدخر الله عز وجل  المهدي المنتظر لقيادة المسلمين وجمع شتات الأمة وإحياء عقيدتها أي استيقاظها من نوم الغفلة و السكرة الدنيوية بعد أن انتشار عقيدة الدجال في أرجاء الأرض  في آخر الزمان ، وبعد تزايد وتنامي الوعي الشعبي بأهمية القيادة الصالحة من آل البيت ودورها في توحيد الأمة ووقوفها أمام التحديات هناك حديث يحمل هذا المعنى وهو أن الأمة ككل لا تحس وتشعر بهذا الوعي وإنما هناك فئة فقط تدرك هذا الأمر ، ثم يبدأ الوعي في بقية الأمة كما روي عن رسول الله (ص) : يخرج أناس من المشرق فيوطئون للمهدي ( أي يمهدون لسلطانه ) (2) .

     في تراث أهل البيت وبالأخص عند مذهب الإمامية ان المهدي ولد وأنه غاب عن اكثر الناس إلا الخواص ( النواب )  وعمره خمسة سنين ، وأن الناس تستفيد من غيبته كما يستفيدون من أشعة الشمس وهي خلف الغمام ( السحاب) ، وهذه الغيبة سوف تجعل الأمة تشعر بأهمية القيادة الصالحة بعد توالى حكام من بني الأمية وبني العباس وغيرهم رقاب المسلمين الذين أضعفوا الأمة وعقيدتها وجعلوها تنكالب على زخارف الدنيا وتكره الموت مما تكالبت عليها الأمم كما روى أحمد في مسنده :

     عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِثَوْبَانَ « كَيْفَ أَنْتَ يَا ثَوْبَانُ إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنْهُ ».

     قَالَ ثَوْبَانُ بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا قَالَ « لاَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ يُلْقَى فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنُ ». قَالُوا وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « حُبُّكُمُ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ الْقِتَالَ  ( مسند أبي هريرة ) .

     ووقوع الأمة الإسلامية تحت شرذمة من اليهود الذين ينفذون أهداف الشيطان ( الحجر/ 39 وص/ 82) وتخلى الساسة عن استرداد الأماكن المقدسة في الشام بسبب حب الرئاسة والخوف من قوة الغرب وإسرائيل .

2- المسيخ الدجال :
     يتفق أهل الأديان الثلاثة على ظهور المسيح المنتظر في آخر الزمان لكن هناك اختلافا في ماهية هذه الشخصية : المسلمون والنصارى يعتقدون بالمسيح وهو عيسى ابن مريم الذي سينزل إلى الأرض ويصلي خلف المهدي ويسهم في قتل خط الدجال ( مسند أحمد ، مسند جابر بن عبدالله )، بينما اليهود يعتقدون بالمسيخ الدجال وأنه يقيم مملكة الرب في آخر الزمان ، يقول أحد كبار الزعماء الصهاينة الروس في عام 1904م : وتصبح بلادنا ملكا لنا ويقر ملوك وشعوب الأرض ويحين زمن القطاف .... وسيظهر الرجل الذي ينتظر شعبنا مجيئة منذ ألفي سنة ...لن يأتي إلينا من المهجر ( الخارج) وإنا من أعالي جبال يهوذا والجليل ويرفع الراية على جبال صهيون (3) وهذا الحاخام تنبأ بقيام دولة إسرائيل ثم ظهور المسيخ الدجال في فلسطين وأنه من نسل يهوذا أحد أبناء النبي يعقوب ، ويفهم من هذا القول أن المسيخ الدجال سيولد في آخر الزمان وبعد قيام دولة إسرائيل عكس اعتقاد المسلمين الذين يعتقدون بوجود الدجال أيام النبي (ص) كما في حكاية ( الجساسة ) ومفادها أن بعض العرب نزلوا في جزيرة نائية في عرض البحر بعد غرق سفينتهم فرأوا المسيخ الدجال مكبلا بالحديد ويسألهم عن ظهور النبي العربي وبحيرة طبرية ( 4) ، وهناك رأي يتبناه أحد علماء المسلمين وهو أن المسيخ الدجال يرمز إلى الحضارة المادية الغربية (5) وإذا كان هذا القول يصدق فأن نار الدجال  التي ورد ذكرها في الروايات يمكن تأويلها أن المسيخ يمثل حضارة الدول الكبرى التي تستخدم نفوذها وقوتها في بسط السيطرة على الدول الأخرى وقد يعني أن نار المسيخ عبارة عن أسلوب الحصار والمقاطعة الاقتصادية ضد من يقف في وجه مصالح هذه الدول وهذا ما نشاهده ونسمعه من تلويح الولايات المتحدة بعصا المقاطعة الاقتصادية في مجلس الأمن ضد أعدائها .
     الحضارة الغربية ( التكنولوجية ) تهدف إلى ربط الإنسان بالمادة وبالأرض وأن الدنيا هي الهدف الأسمى وليس هناك ذكر في قاموس هذه الحضارة عن يوم القيامة (المعاد) ، وهذا ابتلاء لأناس هذه الحضارة بعد سخر الله تعالى لهم زخارف وزينة الحياة الدنيا ( الكهف/ 4-7) وقد يفهم من الآيات أن النصارى لهم دور في انحراف الإنسانية عقيدة وأخلاقا ، واشغال الناس بالأمور المادية والجري ورائها ونسيان الآخرة وليس هناك مبدأ التقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته وإنما طلب المال والشهرة والمنصب وإشباع الشهوات البهيمية  ، ولو أن هناك من الدول الأوربية من تطرح شعار خدمة الإنسانية وتقديم المساعدات العاجلة إلى الدول المنكوبة إلا ان ذلك يدخل ضمن استعباد الدول والهيمنة عليها .

     الدجال شخصية إلحادية من صنع الحضارة التكنولوجية تظهر بعد الحرب الكونية التي يهلك فيها ثلثي البشر من أجل إغواء بني آدم والقضاء على الأديان السماوية .


3- السفياني :
     يعتبر السفياني شخصية تدعي الإسلام وتظهر في الشام ، وقد روي أنصار مذهب أهل البيت روايات كثيرة عن هذه الشخصية أكثر من الرواية عن شخصية الدجال بينما أنصار وأبناء العامة يرون روايات أكثر عن شخصية المسيخ الدجال ، ولعل الأمويين لهم دور في التقليل من روايات السفياني الذي ينتمي إليهم  ، في روية جابر الجعفي في حديث طويل: ... فأول أرض تخرب أرض الشام يختلفون عند ذلك ثلاث رايات : راية الأصهب وراية الأبقع وراية السفياني ، ويلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه ويقتل الأصهب ، ولا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها من الجبارين مائة ألف ويبعث جيشا إلى الكوفة ( 6) يفهم من ذلك ان بلاد الشام هي الآن : سوريا ولبنان وفلسطين والأردن تشهد اضطرابات سياسية يؤدي إلى ظهور قوى عسكرية تتصارع فيما بينها في قيادة بلاد الشام وبما أن السفياني هو الأقوى فستصبح الشام تحت قيادته .

     من السفياني؟
     سئل صادق أهل البيت عن اسم السفياني ؟ قال ما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كنوز ( كور – مناطق ) الشام الخمس: دمشق وحمص وقنسرين وفلسطين والأردن ، أقول هذه المناطق كانت معروفة أبان الفتح الإسلامي .

     هل السفياني أموي ؟ تصرح بعض الروايات ان اسمه عثمان بن عنبسة وأنه من ذرية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، يقول د. إبراهيم بيضون :  تنبأ الناس أن السفياني هو المسيح المخلص الذي ينتظره أنصار الأمويين (7) وتذكر بعض الروايات أن موطنه أو أول ظهورله يكون في وادي اليابس ، جاء في معجم البلدان تحت كلمة ( اليابس) : اليَابس: بلفظ ضد الرطب وادي اليابس نسب إلى رجل. قَيل منه يخرج السفياني في آخر الزمان. لكن اختلفوا في أين هذا الوادي؟ هناك من قال أنه في الرملة بفلسطين وهناك من قال ان هذا الوادي في دمشق (8) كتب أمير المؤمنين علي رسالة إلى معاوية قبيل وقعة (صفين) جاء في الرسالة : وإن رجلا من ولدك مشم ملعون منكوس القلب ... أخواله من كلب ..فيبعث جيشا إلى المدينة فيدخلها ويهرب منهم رجل من ولدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (9) وقد رأيت اسم الوادي اليابس في أحد الأطالس المدرسية يقع جنوب شرق البحر الميت هناك من يقول أن  السفياني يعد عميلا للغرب أن أنه يحقق مصالح الشرذمة اليهودية ومنهم من يقول أن كلمة " السفياني" محرفة لكلمة وردت في البروتوكول الثامن عشر " أنهم سيقدسون سلطة الملك (   ) (10) والكلمة تعني في القاموس العاهل والملك ، وقد حرفت هذه اللكمة غير المألوفة فكتبت " السفياني" المألوفة لدى النساخ أي أن السفياني هو المسيخ الدجال كما في تراث اليهود ولكن الحقيقة تقال أن السفياني تفرزه الأحداث في بلاد الشام ويحقق مصالح الشيطان في إغواء البشر (11) وقد يكون من أسرة حاكمة أو ينحدر من أسرة حاكمة انقرض حكمها وأما احتمال أنه أموي فغير مؤكد على الرغم من وجود الروايات التي تؤكد على ذلك ، والاحتمال الأكيد أنه من الفلسطينيين الذين يأسوا من العودة إلى أرض الأجداد وإقامة دولة لهم وفقدوا الثقة بالعرب وبالعالم من انتزاع اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين ، كما سوف يأتي في محله .            
             

     النسب العائلي :
     ينقل مؤلف كتاب " السفياني" حديثا للطوسي وللصدوق ونصه :" إنا وآل أبي سفياني اهل بيتين تعادينا في الله قلنا صدق الله ، قالوا كذب الله ، قاتل أبو سفيان رسول الله وقاتل معاوية علي بن أبي طالب وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي والسفياني يقاتل القائم عليه السلام " (12) يتبين ان المعاداة بين بني هاشم وبني أمية قديمة لكن لماذا لا تطرح المظالم التي ارتكبها بني العباس في حق أهل البيت ؟ أظن أن للعباسيين مصلحة في التركيز على المعاداة بين بني هاشم وبني أمية عندما استلموا الخلافة كي يكسبوا الرأي العام المسلم الذي تعاطف مع أهل البيت ، ثم أن العباسيين يريدون تبرئة ساحتهم من دماء بني علي وفاطمة ومن جهة يريدون أن يظهروا انهم يثأرون بدماء بني هاشم من بني أمية ومن جهة اخرى يريدون أن يصيغوا حكمهم شرعية دينية ، لكن هذا الاستنتاج لا يجعلني لا  اتفق مع ينسب " السفياني" إلى بني أمية ، لذا عن دراسة شخصيات الأحداث التي مر ذكرها يتبين ان كل شخصية لها انتماء ونسب او أنها تنتمي إلى أسرة حاكمة او إلى أسرة دينية أي الإنتماء إلى النبي أو الإمام او الخليفة ، ولو أن هناك من يشكك في نسب الأمويين إلى قريش ، ويدعي أنهم دخلاء على القرشيين ( كتاب تاريخ تمدن مهدوي ) .

     حسب الروايات المطروحة في هذا المجال ان السفياني من العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي –عج- (13) لكن هل شخصية السفياني تنتمي إلى أسرة تاريخية ؟ أو أن السفياني عبارة عن خط وتيار و حركة قبال خط أهل البيت ؟

     لقد ظهرت عدة شخصيات تاريخية تحمل اسم السفياني منها شخصية تنتمي إلى نسل خالد بن يزيد الأول الأموي وتمردت على بني أمية من ذرية مروان بن الحكم الذين حكموا الدولة الأموية بعد هلاك يزيد بن معاوية ، هناك من قال أن شخصية السفياني من اختراع خالد بن يزيد السالف الذكر الذي أراد أن يرد الاعتبار والشرعية لأسرته بعد اعتلاء ذرية مروان بن الحكم الخلافة الأموية (14) .

     عندما  رويت روايات السفياني في المجتمع الشيعي فأن اكثرها رويت في أواخر الدولة الأموية ، فتأثر بعض الشيعة بروايات الأمويين الذين يمجدون السفياني وأنه من نسل يزيد بن معاوية الذي لطخ يده بدماء أهل البيت في كربلاء ،  أو تأثر بعض الشيعة بروايات العباسيين بعد قيام دولتهم وأنهم يحاربون عدو آل البيت ( بني سفيان ) وهذا منصور العباسي سمى اسم ولده المهدي تيمما بهذا الاسم لأخذ ثار اهل البيت من الأمويين .

     بعض روايات أهل البيت فيها شيء من الغموض وهي تتحدث عن السفياني ونسبه وحركته وظهوره قبل المهدي ، فلماذا سمي السفياني بهذا الاسم ؟ أما أن الأجواء السياسية أنذاك فرضت هذا الاسم بسبب ما قام به الأمويون من مظالم ضد أهل البيت أو أن اسم قائد الحركة المرتدة عن مباديء الإسلام وبالذات المعادية لمذهب أهل البيت يحمل هذا الاسم " سفيان" أو أن الأجواء قبيل عصر ظهور المهدي فرضت نفسها في طرح قضية الانتماء النسبي بالنسبة لقادة الأحداث
هذا وقد  يأتي أن أنصار السفياني قالوا لابد من أن تخرج لأنك من أسرة مالكة ، وهذا الرأي يؤيد ما تطرحه الظروف في آخر الزمان وقرب ظهور الإمام المهدي والتأكيد على نسب الإمام المهدي إلى آل البيت ودعوة فئة من المسلمين إليه  والبشارة بظهوره لذا يطرح أعداء الإمام قضية النسب والانتماء العائلي ( السفياني) في مقابل اسم المهدي ونسبه الشريف وكما تطرح قضية المسيخ الدجال في مقابل المسيح المنتظر عيسى ابن مريم .

     إن الانتساب إلى أهل البيت يعد فخرا ويروي التاريخ كيف أن الأمويين طرحوا قضية انتمائهم إلى النبي وأنهم من قريش أثناء صراعهم مع الإمام الحسين وأن الحسين خارجي خرج على خليفة رسول الله ، وهكذا قبل ذلك احتج الخليفة الأول على الأنصار في السقيفة إلى أن الخلافة يجب أن تكون في قريش وهكذا رفع العباسيون شعار الانتماء إلى النبي كي يتقربوا إلى الناس المتعاطفين إلى أهل البيت بعد المظالم التي وقعت عليهم على يد الأمويين .

     المهدي يعد من أهل البيت ونسبه واضح وضوح الشمس ، وحديث (12) خليفة كلهم من قريش مسلم به بين علماء المسلمين ، شعبة عن عبدالملك بن عمير عن جابر بن سمرة : يكون أثناعشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي أنه قال : كلهم من قريش ( كتاب البخاري ، كتاب الأحكام باب 51 ج4 ح 7222و7223  ) وقد حار بل واختلف علماء العامة فيمن يكون هؤلاء الخلفاء اختلافا كبيرا ولكنهم عدوا المهدي منهم ، طرح أعوان الشيطان قضية النسب والانتماء العائلي بسبب ما جاء في الروايات عن أحداث آخر الزمان وقبيل ظهور الإمام المهدي فالمهدي ينتمي إلى رسول الله (ص) وعيسى ينتمي إلى بيت نبوي (15) فخطط أعداء الإنسانية من أجل إغواء الناس باختراع شخصيتين : السفياني والدجال في آخر الزمان ، وفي علم الله تعالى أن التحريف يبلغ ذروته في آخر الزمان بعد تقدم العلوم التكنولوجية وتسخيرها في نشر الفساد والانحراف في أرجاء الأرض وأنه لا بد من التدخل الإلهي ( اللطف الإلهي) وكما جاء في رواية  يتدخل تعالى على رأس كل جيل وأمة بإرسال الرسل بعد أن يسيطر الظالمون على زمام الأمور فيزيد الظلم والجور .


     ياثارات الله :
     يروي الصدوق في العلل والعيون عن الهروي أنه سأل أبا عبدالله عن علة قتل القائم عج ذراري قتلة الحسين ؟ فقال ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ولو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل وإنما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم ( 23) ولعل في آخر الزمان من يرضى عن موقف يزيد بقتله أهل البيت بكربلاء أو تبرئة يزيد بدم الحسين وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء من نسل قتلة الحسين وإنما يسيرون بخطاهم ( الزخرف/22) وفي المناقب يروي الإمام السجاد حديثا طويلا بعد خروج الحسين وتأسيه بيحيى بن زكريا إلى أن قال الحسين لابنه : يا ولدي والله لاسكن دمي حتى يبعث الله المهدي عجل الله تعالى فرجه فيقتل على دمي المنافقين الكفرة الفسقة سسبعين ألفا ( 24) وبهذه المناسبة يسأل أحد الصحابة النبي (ص) كيف يقتل المهدي المسلمين وهم موحدون ؟ فيقول رسول الله : يا حذيفة هم يومئذ على ردة يزعمون ان الخمر حلال ولا يصلون (25) وقد يكون على رأس هؤلاء المرتدين السفياني في آخر الزمان .

     جاء في زيارة ( عاشوراء) جملتان الأولى تقول: فأسأل الله الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من أهل بيت محمد (ص) ، والثانية تقول: وأسأله ان يبلغني المقام المحمود الذي لكم عند الله وأن يرزقني طلب ثارك مع إمام مهدي ظاهر ناطق منكم ، إذن من أهداف الإمام المهدي طلب ثارات الحسين بل وطلب ثارات الأنبياء والصالحين ( دعاء الندبة ) فيقتل المهدي بعض اليهود الذين يتبعون الدجال المسيخ .


     الحروب العالمية :
     قال الحاخام عمانوئيل في 12/1/1952م في خطاب له في بودابست وهو امتداد لمحاضر جلسات حكماء صهيون : يجب علينا الإسراع بإعلان الحرب الثالثة لنصل إلى هدفنا في حكم العالم يجب ان نسير على الخطة أي نشر العداوة بين روسيا وأمريكا (27) كلما نشبت حرب تجد يد اليهود وراء إشعالها فالحرب الأولى من أهدافها القضاء على الخلافة العثمانية لتبرز الشيوعية كنظام ينافس الرأسمالية في أوربا وأمريكا وهذا التنافس يقوي مركز اليهود في العالم .

     انتقل المركز السياسي لليهود إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الأولى وكان من أسباب هذه الحرب تقسيم العالم المسيحي إلى قسمين متنافسين على أثر تغير الظروف وضعف القوة الأوربية وبروز قوى اخرى وهي قوة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي وقوة الرأسمالية في الولايات المتحدة وتغلغل النفوذ الغربي بالعالم العربي ليحل محل السيادة العثمانية وقسمت المناطق العربية بين بريطاني وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا ، وكان لا بد من تشتيت القوة الأوربية كي لا تنافس الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إذ حاول هتلر توحيد أوربا كقوة سياسية وعسكرية قبيل الحرب العالمية الثانية إلا أن ألمانيا انهزمت في هذه الحرب وانتشرت الشيوعية في أوربا الشرقية وانقسمت ألمانيا إلى قسم شيوعي وقسم رأسمالي ومن نتائج هذه الحرب سقوط كثير من النظم الملكية في العالم وانتشار الأفكار التحررية والديمقراطية وظهور الجمهوريات ، أصبحت أوربا في أمس الحاجة إلى أمريكا لإعادة إعمارها .

     كادت الحرب الثالثة ان تنشب عام 1961م على إثر الصواريخ الروسية التي نصبت في جزيرة كوبا ورأت امريكا انها تشكل خطرا على أمنها ، هناك من يخطط للحرب خاصة الإنسان المستكبر الذي يريد تحقيق أطماعه يقول تعالى: كلما أوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ( المائدة/ 64) وقد تعني النار المشكلات والأزمات التي يثيرها أعوان الشيطان بين بني البشر ، وكما قال كيسنجر اليهودي وواضع السياسة الأمريكية منذ بداية السبعينات والمتمثلة بخلق الأزمات واحتوائها من أجل المحافظة على مصالح أمريكا .

     توجد روايات تلمح بنشوب الحروب والأزمات بين الدول لكن بعض المؤلفين من تناول أخبار الملاحم والفتن في آخر الزمان ويظنون أن المقصود بالحرب القادمة هي الحرب الثالثة ، لكن لا استبعد أن الروايات تؤكد على كل الحروب والأزمات التي تحصل في العالم وليس الحرب الكونية القادمة فقط ، وهناك من المصالح في اندلاع هذه الحروب يجنيها الشيطان وأعوانه ومنهم شرذمة اليهود ، لكن أين تنشب الحرب الكونية القادمة قبيل ظهور المهدي ؟

     في بعض الروايات جاء أن اقتتالا يقع بين صنفين من العجم وثلثي البشر سيهلكون ويكون المسلمين من الثلث الباقي ولعل هذا إشارة إلى الحرب العالمية الأولى والثانية التي حصلت بين الدول الاستعمارية ( لاحظ كلمة العجم أي غير العرب) ، وتشير أيضا إلى الحرب الكونية القادمة التي تحصل بين القوى الاستعمارية وإضعافها من أجل تمهيد لظهور الإمام المهدي وهذا من الحكم الإلهية .

-  عن أبي بصير قال سمعنا أبا عبدالله يقول: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلث الناس فقلت : إذا ذهب ثلث الناس فما يبقى ؟ قال : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي .

-       عن علي بن الحسين انه قال : اختلاف صنفين من العجم ويسفك فيه دماء كثيرة .

-  عن أبي بصير عن أبي عبدالله قال لي لا بد لنا ( نار) من اذربيجان لا يقوم لها شيء وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم وألبدوا ما البدنا ، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبوا والله لكأني انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ( 28) .

     فهل المقصود من نار كما في الرواية بداية اندلاع شرارة الثورة في إيران ؟  تشير رواية أخرى بالسعي إلى هذه الدولة بعد قيامها لو حبوا على الثلج كما روى ذلك الحاكم في المستدرك :

     عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به ، ولا سكتنا إلا ابتدأنا ، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه ، فقلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ، فقال : « إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد ، حتى ترتفع رايات سود من المشرق ، فيسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، ثم يسألونه فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواعلى الثلج ، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ  اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ( المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري ) .

     يفهم من ذلك ان الحرب الكونية تبدأ شرارتها خارج المنطقة الإسلامية وتؤدي إلى اضمحلال قوة كبيرة وتصبح مناطق نفوذها عرضة للفتن والقلاقل مثل منطقة الشرق الأوسط وأرض الجزيرة ( وهي بين تركيا وسوريا والعراق ) ومنطقة شبه الجزيرة العربية وتبدأ الحروب الإقليمية  في أوربا قبل توحيدها تحت راية المسيخ الدجال ، وبعد زوال إسرائيل على يد قوى إسلامية تستمر القلاقل نتيجة توحيد المغرب والمشرق  العربيين ولكن تفشل هذه المحاولات على يد السفياني بعد أن يوحد الشام تحت رايته .

     تختفي الوحدات السياسية ( الدول ) شيئا فشيئا في أوربا والعالم الإسلامي وتظهر الامبراطوريات الكبرى كما حصل في العصور القديمة والوسطى ، وهي من نتائج الحرب الكونية وكما تم توحيد أوربا تحت راية الكنيسة أبان العصور الوسطى لمقابلة الخلافة الإسلامية مما أدى ذلك إلى نشوب الحروب الصليبية لإسترداد الأراضي المقدسة في الشام ، لذا يحاول أعداء الإنسانية من شياطين الجن والإنس ( أعوان إبليس ) توحيد أوربا من جديد ليقف أمام المارد الإسلامي الذي يتنامى يوما بعد يوم ، وقد تسبق إرهاصات الحرب الكونية القادمة أحداث مثل توحيد أوربا اقتصاديا ( كتلة السوق الأوربية المشتركة الاتحاد الأوربي ) لمنافسة أمريكا ، ولكن الظروف السياسية والاقتصادية  في اوربا تعصف بأية محاولات جادة لتعزيز الاقتصاد الأوربي ، وأن أعوان اليهود الذين بيدهم قوة المال والبنوك سوف يخلقون هذه الظروف الشبيهة بالظروف قبيل الحرب العالمية الثانية في أوربا من أجل إشعال هذه الحرب الكونية ، وبالتالي تتغير بعض المفاهيم مثل ظهور مفهوم الامبراطورية الأوربية لتوحيد العالم الغربي أمام قوة الإسلام في الظاهر وهي قوة السفياني الذي وحد الشام وسيطر على الأماكن المقدسة في فلسطين وتطلع لضم العراق والحجاز وغيرهما من المناطق الإسلامية إلى مملكته .


     معركة قرقيسيا :
     جاء في المنجد قرقيسية مدينة في سوريا ( محافظة الجزيرة ) عند ملتقى الخابور بالفرات أخذها الفرس عام 363م وأخذها المسلمون عام 640 م .

     معركة قرقيسيا تقع بعد الفتنة الرابعة التي تستمر (18) سنة ويعتقد بعض أن هذه الفتنة عبارة عن الحرب الأهلية اللبنانية (29) تدخل تركيا في منطقة الجزيرة بسبب الوضع الدولي المتأزم سواء قبيل الحرب العالمية القادمة أو بعدها ، تتحدث الروايات عن التوسع التركي الذي يتم على مرحلتين الأولى تشمل منطقة الخراسان او أقليم خراسان والثانية تصل خيلهم ( قوتهم ) إلى الفرات ، تقول الرواية : للترك خرجتان : خرجة منها خراب أذربيجان وخرجة يخرجون في الجزيرة ( 30) وقد يقصد بالترك المغول عندما زحفوا على الحاضرة الإسلامية وأسقطوا بغداد وواصلوا مسيرتهم إلى فلسطين وكان قضاؤهم على يد أهل مصر في معركة عين جالوت كذلك يعد العثمانيون من الترك وأقاموا الخلافة الإسلامية وحكموا العراق ومصر والشام وضعفت شوكتهم بعد الحرب العالمية الأولى وسقطت الخلافة على يد أتاتورك العلماني وقد تكون الخرجة الأولى للعثمانيين عندما أقاموا الخلافة والخرجة الثانية تحدث قبيل ظهور الإمام عندما تحتل تركيا منطقة الجزيرة لأسباب منها الحصول على البترول او تأمين مصادر المياه أو لأهمية المنطقة الاستراتيجية ولا نسى عمل القوى الشيطانية في ضرب القوى الإسلامية .

     بعد توحيد الشام يتطلع السفياني إلى منطقة الجزيرة وهي من الناحية التاريخية ضمن بلاد الشام والعراق وتركيا ، فالسفياني يريد استرداد المنطقة قبل أن  يتحرك نحو العراق التي تكون ضمن حكم خط أهل البيت ، وتعتبر معركة قرقيسيا نقطة ضعف للقوى المتصارعة في المنطقة قبل ظهور الإمام المهدي جاء في سفر الرؤيا إصحاح (9) : صدر الأمر للملائكة الكبار عند نهر الفرات العظيم لكي يقتلوا ثلثي الناس (31) وفي رواية أخرى : إن لله مائدة بقرقيسيا يطلع مناد من السماء فينادي يا طير السماء ويا سباع الأرض هلمي إلى الشبع من لحوم الجبارين (32) تسفر المعركة بهزيمة الجبارين وتحطيم القوى العسكرية التي تكون خطرا على دولة المهدي المرتقبة ومنها الآلة العسكرية للسفياني وغيره .

     ينقل أحد المؤمنين في مكاشفة له عن وقوع حرب بين تركيا والقوى الغربية نتيجة لحدث يقع بتركيا في غير صالح هذه القوى ثم أن هذا المؤمن يقع أسيرا ولعله في مهمة هناك لكن لا يلبث أن يطلق سراحه وأن الشعب التركي قد استرد أنفاسه من هذه المغامرة التي افتعلها الجبارون ( أعوان الشيطان ) .

     تتحدث الروايات عن تحرك قيس ونزولها بالشام ومشاركتها في أحداث الجزيرة ( قرقيسيا) : إذا حاد السفياني عن الحق ومال عن جادة الدين تقوم له قيس من مصر (33) وهناك رواية تتحدث عن أن قيس هي مصر : دخول رايات قيس والعرب إلى مصر (34) وفي رواية أخرى : يخرج قبل السفياني مصري ويماني ( 35) يفهم من ذلك أن تحرك المصري يدل على رجوع مصر إلى حظيرة الإسلام وأنها تتحد مع سوريا وان هذا التحرك له امتداد من أقصى المغرب العربي وذلك بعد الحرب الكونية وقد يعني هذا الامتداد الإسلام وطرحه على الساحة العربية بعد الاتحاد الأوربي النصراني في أعقاب هذه الحرب وللأسف يقف السفياني ضد هذا الامتداد ويتراجع المصريون عن بلاد الشام على أثر الهزيمة يمنون بها على يد السفياني مؤقتا .


     أحداث بلاد الشام :
     تطلق بلاد الشام على أجناد خمسة أبان الفتح الإسلامي وتضم كل من قنسرين ( حلب) وحمص ودمشق والأردن وفلسطين ،  بعد الحرب العالمية الأولى تصبح الشام تحت النفوذ الأوربي ( البريطاني والفرنسي) وفق اتفاقية ( سايس بيكو) بين بريطانيا وفرنسا وقسمت الشام بين هاتين الدولتين .

     ظهرت جمعيات سرية في كل من استنبول وبيروت ودمشق وبغداد قبل الحرب وكان من اهدافها الانفصال عن الخلافة العثمانية وهناك من دعا إلى توحيد الشام تحت اسم سوريا الكبرى مع ضم العراق إليها (36) لذا تنامت الأفكار القومية العربية أثناء الحربين الأولى والثانية ولعبت الجمعيات السرية دورا في بروز هذه القوميات لتحل محل الخلافة العثمانية ( 37) وقامت دويلة إسرائيل عام 1948م في فلسطين وقد قامت قوى قومية وإسلامية بشن حرب ضد إسرائيل ولكن العرب انهزموا أمام إسرائيل واحتلت إسرائيل أراضي عربية وهكذا انهزم العرب عام 1956 وعام 1967 وهذه الحروب تديرها قوى شيطانية خفية بهدف تقوية إسرائيل في المنظفة العربية وفرض على العرب عملية السلام ، وقد يبدو للعيان أن عملية السلام تهديء هذه المنطقة إلا أنها في المقابل تجعل الدول العربية في موقف ضعيف دائما .


     أحداث الشام تبدأ بأزمة لبنان كما تقول الروايات:
-       يا جابر لا يظهر القائم حتى يشمل الشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه (39) .

-       تكون فتنة كان أولها لعب الصبيان ثم لا يستقيم أمر الناس على شيء (40) .

-       تكون فتنة بالشام تدوم بين 12-18 سنة وفي آخرها تحدث هزة (41) .

-       وكشف الهيكل وخفق رايات حول المسجد الأكبر القاتل والمقتول في النار (42) .

     - وكشف الهيكل وخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر ( الأقصى) يشبهن بالمهدي ( 43) .

     هناك علاقة بين الأزمة اللبنانية وبين أزمة الخليج الأولى والثانية وعملية السلام وهي أن القوى الكبرى تريد أن ترسم خريطة الشام وفق مصالحها ولعل بعد أزمة لبنان وقد تكون بعد مدة طويلة من السنين اشتعال أزمة أخرى بالشام تفجر الأوضاع التي تفرز  شخصيات سياسية جديدة من الج تغيير الخريطة السياسية بالشام كما في هذه الرواية :

     وأحصنت الربع المساحل حتى يصمم الساحل فهناك يأمر العلج الكسكس أن يخرب بيت المقدس فإذا اذعن لأوامره وسار بمعسكره وأهال بهم الزمان بالرملة وشملهم الشمال بالذلة فيهلكون عن آخرهم هلعا فيدرك أسارهم طمعا فيا الله من تلك الأيام وتواتر شر ذلك العام وهو العام المظلم ويستصعب هوله في تسعة أشهر ألا أنه ليمنع البر جانبه والبحر راكبه وينكر الأخ اخاه ويعق الولد أباه ويذمن النساء بعولتهن وتستحسن الأمهات الفجور بناتهن وتميل الفقهاء إلى الكذب وتميل العلماء إلى الريب فهناك تنكشف الغطاء من الحجب وتطلع الشمس من الغرب هناك ينادي مناد من السماء اظهر يا ولي الله ( 44 و 45) .

     تتحدث الرواية عن كشف الهيكل بمعنى إعادة بناء هيكل سليمان لها عدة دلالات : وهي أن إسرائيل تتخذ القدس عاصمة لها على الرغم من أن عملية السلام قد وقعت بينها وبين العرب ، وأن إسرائيل تهدم أجزاء من المسجد الأقصى بحجة الكشف عن الهيكل ، وذلك بعد يأس العرب من عملية السلام خاصة الفلسطينيين الذين سينتقمون من اليهود والعرب الذين صنعوا عملية  السلام الوهمية  ولا ننسى أن أعداء الإنسانية يسخرون بعض الإنس في تحقيق مصالح وأهداف الشيطان أي إغواء بني آدم وكما علمنا اعتمد هؤلاء على نفر من الكهنة اليهود والنصارى في تحريف الأديان كذلك يستغل هؤلاء تحريف تعاليم الإسلام بعد انتشار مذهب أهل البيت والدعوة إلى الإمام المهدي ولكن بعض النواصب لا يرضون عن هذه الدعوة ويزرع أعداء الإنسانية الشك في هذه الدعوة وبالمقابل يهيئون الأجواء لظهور أصوات تنادي بهذه الدعوة من أجل تحطيم عقيدة المهدي المنتظر في نفوس المسلمين لهذا تظهر دعوات مهدوية في الشام وكلها تدعو إلى المهدي كما مر في رواية سابقة ولعلها أصحابها لا ينتمون إلى أهل البيت من أجل التشكيك بدعوة المهدي المبشر به .

     وتتسارع الأحداث حيث يذكر الإمام الصادق –ع- بعض علامات قبيل ظهور السفياني وسيطرته على الشام :

     وقال عليه السلام : إذا اختلف رمحان في الشام فهو آية من آيات الله .قيل :ثم مه  ؟ قال : ثم رجفة تكون بالشام ، يهلك فيها مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين ، وعذابا على الكافرين . فاذا كان كذلك ، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب ، والرايات الصفر ، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام . فاذا كان كذلك ، فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام يقال لها " :( حرستا)فاذا كان كذلك ، فانتظروا ابن آكلة الأكباد بالوادي اليابس( كتاب الخرائج والجرائح 3/165  ) صحيح أن هناك قوى ثلاث تتصارع قبيل ظهور السفياني لكن لا يمنع ان تذكر الرواية السابقة عن قوتين ( رمحين) وببعد ذلك خسف أو انفجار كبير في حرستا وهي تبعد عن  دمشق 50كم تقريبا  ولعل هذا الانفجار نتيجة للمنافسة بين القوى المتنافسة بالشام ، وسيطرة السفياني على الشام .

     في قصة ابن صياد اليهودي يعلم النبي (ص) ان ابن الصياد من جملة السحرة او الكهنة الذي تأتيه رؤى الجن ، بمعنى يتمثل الجن للكهنة ويلقي إليهم أوامره وما عنده من أخبار ( 46) جاء في كتاب ( الزام الناصب) : يرى السفياني في منامه فيقال له قم فاخرج فيقوم فلا يجد احدا ثم يرى الثانية  فيقال له مثل ذلك وفي الثالثة يقال له قم فاخرج فانظر على باب دارك فينحدر إلى الباب فإذا هو بسبعة او تسعة ومعهم لواء فيقولون نحن أصحابك فيخرجون وبينهم ناس من قريات الوادي اليابس (47) .

     في تفسير المحجة البيضاء للشيخ البحراني نقله مؤلف كتاب السفياني : في تفسير آية : وإن عدتم عدنا " يعني عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد ( 48) الآية السابقة تتحدث عن إفساد بني إسرائيل ودورهم في تحريف الأديان لذا يخطط اعداء الإنسانية إضلال المسلمين عن دينهم ، وفي الآية : ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا ، يخطب أمير المؤمنين عن تأويل هذه الآية : ولذلك آيات أولهن احصار الكوفة بالرصد ... كشف الهيكل وخفق رايات حول المسجد الأكبر ..قتل سريع وموت ذريع ( 49)  والآية بصدد بيان طغيان إسرائيل وظلمها ونشوب الصراعات بالشام بين ثلاث قوى تدعي بعضها بدعوة المهدي بعد هدم جدران المسجد الأقصى ومحاولة بناء هيكل سليمان وقبل ظهور القوى الثلاث تحدث أحداث بالعراق لها علاقة بأحداث الشام .

     يبرز خط السفياني في بلاد الشام بعد أن يمر السفياني بأزمات شبيهة بما مر به اليهود في تاريخهم هذا الخط يحاول أن يفسد في الأرض مثلما فسد بني إسرائيل عن أبي عبدالله –ع- قال ما تصنع باسمه ( أي اسم السفياني) إذا ملك كور الشام (دمشق وحمص وحلب وفلسطين والأردن ) فتوقعوا عند ذلك الفرج (50)  ولعل السفياني وخطه يمثلان حركة وتيار يعادي الناس بسبب  فشل هذا التيار في استيعاب فلسفة الابتلاء فحمل السفياني وأتباعه  في نفوسهم العداوة والكراهية لكل الناس بما فيهم المسلمين وبالذات شيعة أهل البيت الذين أقاموا الدولة ( إيران) وغيرها بينما هذا السفياني وهو من أصل فلسطيني خذله العالم في إقامة دولته ، إذن يستغل أعداء الدين ( شرذمة  اليهود - أو شياطين الجن والإنس ) السفياني في الاتفاق مع الشيطان الاكبر لإقامة دولته بعد سقوط إسرائيل .


     أحداث المشرق :
     يقصد بالمشرق شرق الجزيرة العربية كما يقصد بالمغرب غربها ، فالعراق وإيران وافغانستان وغيرها تسمى ببلاد المشرق ، تبدأ أحداث المشرق قبل ظهور السفياني ، روي عن النبي (ص) أن فتية من بني هاشم أقبلوا عليه فتغير لونه فقالوا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ؟ قال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وان اهل بيتي هؤلاء يلقون بعدي بلاءا وتطريدا وتشريدا حتى يأتي قوم من ها هنا نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فر يعطونه مرتين او ثلاثا فيقتلون فينصرون ما سألوا فلا يقبلونها حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأ الأرض عدلا كما ملؤها ظلما (51) .

     عن الإمام الباقر –ع- قال : كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء ( 52) حديث حسن ( 53) ويضيف المجلسي عليه الرحمة  في ذيل الحديث : لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدولة الصفوية ( 1502-1736م) شيدها الله تعالى ووصلها بدولة القائم ( البحار /52 ص243) ويقول الشيخ علي الكوراني : إن هذه الرايات التي تخرج من المشرق تنطبق على الثورة الإسلامية في إيران (54) .

أقول يمكن التوفيق بين هذه القوال ضمن الاحتمالات التالية :
1- ارتباط هؤلاء القوم بأهل البيت ومناصرتهم لهم يدل على انهم موالون وعلى مذهب أهل البيت وأول من أراد تطبيق هذا الأمر على مستوى الدول هم الحمدانيون والبويهيون والفاطميون والصفويون ) إلا أن الصفويين نجحوا في استمرار دولة أهل البيت وإلى الآن .

2- قد يكون مطالبتهم للحق ثانيا كما في الحديث أنه ينطبق على إيران الثورة الإسلامية والدخول في اتحاد اقتصادي في البداية مع الجمهوريات الإسلامية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ثم الدخول في الاتحاد السياسي بعد الحرب الكونية القادمة فتحاول القوى الشيطانية تضخيم الخطر الإسلامي كي تتوحد اوربا النصرانية ضد هذا الخطر فتقام الحرب بين القوة الإسلامية والقوة النصرانية لإضعافهما .

3- وقد يكون مطالبتهم للحق ثالثا ينطبق على الاتحاد الذي يتم بين إيران والعراق بعد أو قبل هذه الحرب ونتيجة الفراغ السياسي في الجزيرة العربية فان المنطقة الشرقية للجزيرة تدخل في حلف او اتحاد مع المناطق التي توالي مذهب أهل البيت ، لهذا تحاول القوى الشيطانية إثارة السفياني ضد هذا الحلف .

4- مطالبتهم للحق أولا إقامة دولتهم ( إيران ) ومطالبتهم ثانيا عدم سقوط الدولة على يد ( طاغية العراق) وثالثا ومطالبتهم بتقدم الدولة تكنولوجيا وفشل الغرب وإسرائيل وقف هذا التقدم ورابعا مطالبتهم بإزالة إسرائيل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق