الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

إن الله لا يحب الظلم




إن الله لا يحب الظلم
الباحث / عباس سبتي

     شاءت الأقدار أن توجد طبقات فقيرة وأخرى متوسطة الحال وثالثة غنية بين أفراد الجنس البشري وذلك لحكمة من رب العباد  ، مما أدى إلى ظهور ما يعرف بالسخرة أو استغلال غير في خدمة بعض يقول تعالى :" ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً "( الزخرف /32)  وقد يكون قانون " السخرة " عبارة عن سنة كونية لكن أساء البشر استغلال هذه السنة في تنظيم ، وكان من نتيجة ذلك أن ظلم الإنسان أخاه في الإنسانية ، كما هو حاصل وظاهر في الأسر التي تتعاقد مع الخدم أو ما يعرف بالعمالة المنزلية حيث ظهر ما يعرف بالعنف على الخدم في الدول العربية  ، هذا الظلم أي ظلم الخدم خاصة النساء ، جعل لجنة حقوق الإنسانية الدولية تنبه الدول عن انتهاء حقوق الإنسان ، وتنظر هذه اللجنة إلى العمالية المنزلية أنها عبارة عن الاتجار بالبشر ، مما يسيء إلى سمعة  الدول التي تطبق العمالة المنزلية ، وقد عرضت قضية العنف ضد الخدم في دولة صغيرة مثل لبنان لتعكس حجم القضية بل  تفشي ظاهرة العنف في كثير من الدول العربية ، ثم أن الذي يعقد الأمور هو غياب التشريعات التي تنظم العمالة المنزلية في الأسر العربية والخليجية ، ولو أن الكويت قد سنت قانوناً بهذا الخصوص إلا أن الجرائد اليومية ومضابط مراكز الشرطة تكشف على وجود ظلم على هذه الفئة وممارسة العنف ضدها ، إلى جانب أن أكثر الدول العربية لا يوجد عندها بند في قانون العمل يخص هذه العمالة سوى العقد بين رب المنزل وبين مكتب استقدام الخدم ، وهذا العقد لا يطبق في كل مرة بحجة أن ذلك قد يخل بحقوق المواطنين ، لكن الدول العربية بدأت بتدارك الأمر بعد نداءات لجنة حقوق الإنسان الدولية  ، وبعد مطالبة الدول التي ترسل رعاياها كخدم إلى  دول الخليج أن تحسن أوضاع الخدم لديها . 

الاجحاف بحق الخدم :
     تشير الدراسات والتقارير من الباحثين ورجال الأمن ورجال الصحافة على أن الخدم قد جحف بحقهن في البلدان التي يعملن بها ، ولعل ذلك يرجع إلى إخلال في العلاقة بين الخادم والمخدوم ، وقد يرجع هذا الإخلال إلى عدم وعي رب المنزل في عدالة المعاملة والتصرف مع الخدم وبسبب النظرة الفوقية التي ينظر بها المواطن إلى فئة الخدم ، وضعف الدولة التي تأتي منها الخدم وفقرها تجعلها في موقف محرج أمام رعاياها الذين وقع عليهم الظلم في الخارج  ، وأيضا مكاتب الخدم قد تزور بعض البيانات لتتلاءم مع رغبات ربة الأسرة فتصبح الخادمة ضحية هذه البيانات ويزيد عليها الضغوط النفسية ،وقد لا يكون للخادمة غرفة مستقلة ومنعزلة في كثير من بيوتات الأسر العربية ، وقد تنام الخادمة في المطبخ أو لحسن حظها قد تنام مع الأولاد ، وعدم وجود راحة أسبوعية خاصة بالنسبة للخدم المسلمات ، بل وقد لا تسمح بعض الأسر للخدم المسيحيات بالذهاب إلى الكنيسة أو الالتقاء بالصديقات في أماكن تجمعهن خوفاً  تعلم بعض الجرائم أو عقد علاقات غرامية أو التأثر بالصديقات سلباً ، أو التخطيط للهرب من المنزل أو... .

     وفي لقاء تلفزيوني مع قنصلية سريلانكا في لبنان اعترفت القنصلية بوجود انتهاكات لحقوق الخدم السيلانيات مثل عدم دفع الرواتب وعدم توفير الأطعمة المناسبة والاعتداءات الجسدية والجنسية وعدم وجود مكان لائق للنوم والمنع من الخروج من المنزل وعدم التواصل والاتصال مع الأهل ، واعترفت إحدى الخدم بالعمل منذ الصباح الباكر وحتى منتصف الليل دون انقطاع ، وتحدثت إحدى ضيفات البرنامج التلفزيوني عن الظلم والعنف ضد الخدم في لبنان مثل سوء المعاملة والضرب والاغتصاب وعدم دفع الأجور وتهديد بالشرطة . 
( قناة الجزيرة ، 2005)


     ولعل الكثير يتفق معي على وجود الظلم ضد فئة الخدم ولكن بعضهم يتراجع فيلقي اللوم على تصرفات الخدم ، منها  الإساءة إلى الأولاد الصغار كما تشير الدراسات و تتناقلها أجهزة الصحافة ، ومع أنني لا أدافع عن الخدم دون دليل لكن يحتاج الأمر إلى التروي والنظرة الشاملة والفاحصة للأحوال التي يعيشها هؤلاء الخدم وتنبيه الأخوة والأخوات على وجود ظلم عليهم وان الله عز وجل لا يحب الظلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق