الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

القلق الاجتماعي






القلق الاجتماعي
بقلم الباحث/ عباس سبتي

     عندما يكون الإنسان في سن المراهقة فأنه يدرك ما يفكر به الناس  وما يقبلونه ، فهو يرتدي الملابس  حسب ذوق الناس وما يقوله وما يفعله وما لا يفعله خاصة سلوكيات محرجة وإلا فأنه يفقد الصداقة مع زملائه .

     هناك فكرة تشغل بال الناس وهي بخصوص القلق الذي ينتاب بعض المراهقين ويسمى اضطراب " القلق الاجتماعي "  وهو أن يقلق المراهق كيف يظهر أمام الناس دون أن يقوم ببعض التصرفات  التي يرغب بها مما يجعله في قلق واضطراب نفسي .

     الذين يعانون من هذا القلق يشعرون به في السن ما بين (8-15) ، وقد يحاولون إخفاء هذا القلق ، وقد لا يلاحظ الآباء والمعلمون أي تصرف أو قلق لدى الطالب خاصة الطالب الذي يخجل من إظهار هذا القلق  .

     يهتم معهد " Child Mind Institute  " بأعراض هذا القلق ويتوصل مع الآباء لمعرفة المزيد عن هذا القلق ومساعدة الآباء وأطفالهم بعلاج هذا المرض النفسي .

ليس فقط عامل الخجل :
     الأطفال الذين يعانون من هذا القلق ليسوا فقط يعانون منه عندما يتكلمون في الصف أمام المعلم وزملائهم وليس أنه الخوف من بعض المواقف الاجتماعية وإنما القلق الذي ينتابهم هو عند كيفية النظر الناس إليهم ، يقول :" Dr. Jerry Bubrick " الاختصاصي بعلم النفس السريري ورئيس مركز القلق واضطراب المزاج بمعهد : Child Mind Institute   : حتى التفاعلات الصغيرة مثل الإجابة عن سؤال أو الأكل مع الأصدقاء في كافتيريا تسبب لبعض الأطفال الخوف خاصة الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي لأنهم يخشون  أن يتصرفوا بسلوك  محرج ما من غير قصد يجعل الناس يرفض هذا السلوك .

نصائح للقلق الاجتماعي :
     الأطفال الذين يقابلون الناس لأول مرة  أو يمرون بتجربة جديدة قد يشعرون بالخجل  ، لكن الأطفال الذين يعانون من القلق الاجتماعي يزيد إحراجهم ، يقول الاختصاصي النفسي " Rachel Busman " في معهد "  Child Mind Institute " : أن الخجل يجعل الطفل أو المراهق لا يفعل أشياء يريد القيام بها ، ولو أن الخجل لا يؤثر علي قدرة المراهق بعدم القيام بها  مثل الأنشطة في المدرسة أو المنزل  أو أن يصادق زملاء أو ينضم إلى كيانهم ، لكن القلق الاجتماعي يمنع من القيام بهذه الأعمال .

أمثلة :
     حالات القلق الاجتماعي تختلف من شخص إلى آخر ، فبعض الأطفال الذين يعانون من هذا القلق يخشون من أداء عمل أمام الناس ، بينما هناك حالات أخرى لمن يعاني من هذا القلق مثل الخوف من  أخذ السلع من البائع ، أو عدم طلب المساعدة من أحد أو الأكل والشرب أمام الآخرين ، وهذه بعض الأمثلة لحالات القلق الاجتماعي :

     دخول أحد على أصدقائه في كافتيريا وهم يضحكون فيظن أنهم يضحكون منه ومع أنهم يقولون له أنهم يضحكون لشيء آخر ومع ذلك فأنه يشعر بالقلق .

     لاعب كرة القدم يلعب مع فريقه ويريد أن يخرج من الملعب لكنه لا يستطيع بسبب الخوف أن ينظر الناس  إليه .

     يريد الطالب أن يسأل المعلم لكنه يتردد ويخاف أن يقال له أنه غبي .

     الطالب يخشى أن يقرأ بصوت عال خوفاً أن يقرأ كلمة خطأ .

ماذا يشعر به صاحب المشكلة وما يراه الناس :
     إذا شعر الفرد أنه يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي فأنه يظن أن هذا القلق واضح يراه الآخرون ، الشعور بالخوف أن يرى الناس هذا القلق عليه هو خوف آخر  ، مع أن الناس لا يرون أنه يعاني من القلق ، ولعل من الأسباب الشعور بالأفكار والواسواس ودقات القلب وآلام في المعدة ، وقد لا يشعر الناس بهذه الأعراض لكن توجد أعراض واضحة مثل احمرار الوجه ولو أن الناس يعتبرون احمرار الوجه شيء طبيعي .

     الأطفال الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي فأنهم يخافون من القيام بشيء محرج وتضيف " Dr. Busman " : قد يخفون ما يشعرون به ، أعرف فتاة عملت معها تنتابها نوبات هلع وقلق شديد وبما أني أعرفها جيداً  فأنها إذا نظرت إلى الأرض وكانت هادئة معناه أنها تشعر  بالقلق ، لكن الاخرين لا يلاحظون عليها أنها تعاني من القلق .

     بالنسبة للأطفال الآخرين فأن قلقهم يجعلهم يغضبون ويعتدون على غيرهم ، يقول " Dr. Bubrick : عملت مع  صبياً جاءه  أحد صدفة وقال له : أنا سمعت  أنك تريد أن ترى صورة " ساره " وهي لابسة بكيني ، فشعر الصبي بالإهانة وذهب ورمى بالأوراق ، كل ذلك بسبب الشعور بالخوف والإحراج .

لا يجدي تجنب القلق :
     يحاول هؤلاء الأطفال القلقون أن يتجنبوا الأشياء التي تقلقهم ، مثل خلق أعذار للبقاء بالمنزل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة أو تغيب عن الحفل أو أي مناسبة اجتماعية ، ولعل هذه الأمور تهدأ حالة القلق لديهم لفترة قصيرة ولكن الحالة تزداد سوءاً بعد ذلك .

     وشيء خطير آخر لتجنب المخاوف هو أن يتحول هذا التجنب إلى عادة ، وينسحب من كل نشاط وبالتالي تزداد حالة  القلق لديه أكثر ، والناس لا تعلم لماذا انسحب وانعزل عن الأنشطة وغيرها وبالتالي يشعر بالانطواء والوحدة .

أمثلة :
     يخاف الطالب أن يقف ويشرح الدرس  أمام زملاء فصله  خوفه يجعله يرضى بدرجته المتدنية من  أن يتحدث أمام زملائه ، وقد يجعل المعلم يظن  أن الطالب لا يهتم برفع درجته ، بينما يهم الطالب أن يحصل على درجات عليا في المواد الدراسية .

     يدعو الطالب صديقه الجديد أن يلعب معه ألعاب الفيديو بعد المدرسة ، لكن هذا الصديق يتردد في الذهاب لأنه يخاف من أن يقوم بشيء غريب  لذا يخلق أعذاراً  كي لا يذهب إلى منزل صديقه ، ثم تبدأ لقاءاته تقل وتقل مع هذا الطالب حتى يظن الطالب أن صديقه لا يحب صداقته .

لماذا المهم أن تطلب المساعدة : 
     القلق الاجتماعي يمنع الإنسان من القيام بالأشياء  التي يحبها ، وفقد الصداقات مع الناس  ، ويصبح هذا الإنسان كئيباً ، وطلب المساعدة يكون صعباً بالنسبة له لكن هذا مهم ، تقول Dr. Busman : أنها تريد أن يعلم الأطفال أنهم غير وحيدين  وأنهم شجعان وعليهم أن يواجهوا الحقيقة  وأن يطلبوا المساعدة كي يتخلصوا من حالة هذا القلق .

المصدر :
in the way of functioning
Rachel Ehmke
Senior Writer
CHILD MIND INSTITUTE



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق