السبت، 26 أكتوبر 2013

حضارة الأجناس البشرية المنقرضة _2





أنواع الأجناس البشرية  :
     نتيجة للكشوف الحفرية واهتمام علماء التشريح بحفريات الإنسان البدائي ظهر علم جديد سمي بعلم الأجناس وهو يدرس الأجناس البشرية المنقرضة التي ظهرت على الأرض في فترات تاريخية موغلة في القدم،  وكانت لها حضارات ، لكن اختلف علماء الحفريات في مكان الإنسان الأول ، فمنهم من قال أنه ظهر أولاً في أفريقيا ، ومنهم من قال أنه ظهر في آسيا ، والفريق الأول يستند رأيه على وجود آثار أقدام بشرية مطبوعة على غبار بركاني في كينيا يرجع تاريخه إلى ما بين ثلاثة ملايين و600ألف من السنين ، وسمي بإنسان القرد الذي كان يعيش في الغابات متسلقاً الأشجار ويأكل اللحم ( 19) .
     وأما الفريق الثاني فانه قال إن آسيا مهد الأجناس البشرية حيث أن الظروف الطبيعية فيها ساعدت على سكن الإنسان عكس الغابات الكثيفة في أفريقيا ، إلى جانب ذلك وجدت مخلفات لأول إنسان بدائي له حضارة وهو إنسان جاوة في أندونيسيا ( 20) .

استعراض سريع عن أنواع هذه الأجناس البشرية المنقرضة :
1- إنسان جاوة : يعد اول إنسان قديم وبدائي له حضارة وقد ظهر في آسيا ، ويسير منتصب القامة ويبلغ طوله (5) أقدام و(6) بوصات ويبلغ حجم مخه ما بين 900-1000سم 3 ، وهذا دليل على أنه إنسان صاحب عقل ، وأن حجم مخ أرقى القردة العليا يبلغ 500سم3 ، هذا وقد ترك إنسان جاوة آثاراً تدل على أنه صنع أدواته بنفسه ، وأنه قد عاش في بداية العصور الجليدية أي في أوائل البلستوسين وهو من الزمن الرابع وقدر حوالى مليون سنة (21) .

2- إنسان الصين : لم يختلف العلماء في إنسانية هذا الإنسان كما دار الجدل في إنسان جاوة ، حيث استطاع د. ( فيد نريخ) عن كشف (40) شخصاً ينتمون إلى إنسان الصين وبالتالي ساعد هذا الكشف على المزيد من المعلومات عن هذا الإنسان الذي عاش في الكهوف ، و حجم مخه يبلغ ما بين 1100سم3 و1200سم3 ، وكان هذا الإنسان معاصراً لإنسان جاوة ، و كان إنسان الصين يستخدم النار وكان قصير القامة إذ لم يتجاوز طوله عن (5) أقدام ، كذلك كان يصنع أدواته بنفسه مما يدل على وجود عقل لديه ، وكان يصيد الحيوانات بدليل وجود عظام حيوانية في كهفه ( 22) .

3- إنسان نياندرتال : عثر على بقايا هيكله العظمي في كهف نياندرتال بألمانيا ، وساد هذا الإنسان معظم الكرة الأرضية واكتشفت جمجمته عام 1848م  ( 23) ، وظهر هذا الإنسان في العصر الحجري القديم الأوسط حوالى (70) ألف سنة في آسيا ثم هاجر إلى أوربا وعاش في كهوفها فترة طويلة من الزمن نتيجة قسوة وبرودة المناخ ، ثم هاجر إلى أفريقيا عن طريق مضيق جبل طارق ووصل إلى شمال أفريقيا بأعداد كبيرة ( 24) وعاصر إنسان النياندرتال الإنسان العاقل ويقال أنهما تزاوجا وظهر نسل جديد من هذا التزاوج وهو ما يسمى بإنسان الكرم في فلسطين وإنسان روديسيا وإنسان هيدلبرج بألمانيا وإنسان الأوريجانس في فرنسا ، ويقال إن إنسان نياندرتال جد هذا الإنسان الأخير ، وإنسان سوانسكومب وهو من نوع الإنسان العاقل وإنسان كرومانيون وهو من جنس البحر المتوسط ( 25) .

4- الإنسان العاقل وهو نوع بشري جديد ظهر بعد الإنسان النياندرتال ، و قد عاصر هذا الإنسان ثم انقرض إنسان النياندرتال ، ليترك السيادة والسيطرة للإنسان العاقل ، وهناك رأي يقول أن اتصالاً واختلاطاً قد تم بينهما عن طريق التزاوج كما مر ذلك ( 26) .
     اختلف العلماء والمؤرخون في زمن ظهور الإنسان العاقل يقول د. الصفار :" أنه ظهر في (10) آلاف ق.م ونشأ في سهول تركمنستان بآسيا ( 27) ولكن أشهر الآراء تقول انه ظهر منذ (40) ألف سنة تقريباً ( 28) .
     استطاع هذا الإنسان أن يسود العالم القديم والجديد ، فقد عاش في أواسط آسيا وهي موطنه الأول نتيجة اعتدال المناخ الذي ساعد على نمو النبات ، فسهل له الحصول على طعامه من جهة ووفرة اعداد الحيوان في هذه البيئة مما ساعد على حصوله على اللحم من جهة أخرى ، وبعد ظهور الفترة الجليدية الرابعة ( 40000-18000 ق.م )  أي في العصر الحجري القديم الأعلى ونتيجة لتغير المناخ الذي أثر على الحياة النباتية والحيوانية ، بدأ هذا الإنسان يخرج من موطنه باتجاه الشرق والغرب والجنوب ، ووصل إلى الهند وبعض آخر منه ووصل إلى الصين ، وهناك اتجه شمالاً حتى وصل إلى ألاسكا وعبر إلى العالم الجديد ما بين (20000-10000ق.م) ، وقسم منه اتجه غرباً حتى وصل إلى شرق البحر المتوسط واختلط بإنسان نياندرتال كما مر ذلك ، ونتج عن هذا الاختلاط إما يسمى بإنسان الكرمل ، وقسم منه اتجه نحو الشمال الغربي باتجاه أوربا (29) .
     أما أنواع هذا الإنسان العاقل فهي كثيرة منها رجل الأوريجانس نسبة إلى كهف أوريجنس الذي عاش فيه ويقع بفرنسا ، وكان أكثر تقدماً من إنسان نياندرتال (30) وإنسان كرومانيون ( الكرم ) الذي جاء بعد الإنسان النياندرتال وسكن في منطقة البحر المتوسط ( 31) وإنسان ( حالي هل ) و( سوانسكومبا) حيث وجدت هياكل عظمية له في انجلترا وألمانيا وفرنسا ( 32) وإنسان ( كومب كابل ) في غرب أوربا ، وأخيراً إنسان ( جريما لدى ) الذي أول ما ظهر في إيطاليا حوالى 20000ق.م وهو من الجنس الأسود ( 33) .
     يتصف هذا الإنسان العاقل بالعقل أو أنه " عاقل" ، فهل قبله من الأجناس البشرية لم تمتلك العقل ؟ في الحقيقة أن الإنسان الأول يمتلك العقل ولكن يتفاوت هذا العقل ودرجة مستوياته من إنسان بدائي إلى إنسان بدائي آخر وكما عرفنا ان حجم مخ إنسان جاوة يترواح ما بين 900سم3-1000سم3 وإنسان الصين حجم مخه بين 1100سم3-1200سم3 والإنسان النياندرتال حجم مخه 1400سم3 كذلك الإنسان العاقل ، وأخيراً الإنسان الحديث حجم مخه ما بين 1400سم3-1450سم3 ، هذا وان وكلمة " العاقل"  مجرد لقب وليس صفة لم تمتلكها الأجناس البشرية قبل الإنسان العاقل ، بدليل أن لها حضارة .

حضارة الأجناس البشرية المنقرضة :
     يقول المؤرخون أن الحضارة بدأت مع بداية عصر الكتابة في حدود 3000ق.م ، بينما قبل هذا الزمن لم يكن للإنسان حضارة ، وأنه كان يعيش في همجية يأكل ما يحصل عليه من الطبيعة من الطعام ، و كان يسكن الكهوف ويقتل أخاه في حالة الجوع ،  لكن وكما قلنا سابقاً بدأت الحضارة مع الإنسان الأول ( البدائي) لأن الحضارة من صنع الإنسان وهي عبارة عن نتاج العلاقة بين الإنسان والطبيعة ، فالإنسان الذي عاش على سطح الأرض لابد من أنه صنع حضارته بعد أن بذل مجهوداً ونشاطاً في تحسين ظروف حياته ( 34) مثل الإنسان الجامع طعامه سواء النباتي منه أو الحيواني ، بنى حضارته بما تركه من البقايا المتبقية من الأدوات الخاصة به عظام الحيوان ومن الأحجار .

عوامل قيام الحضارة :
     عملية صنع الحضارة تحتاج إلى قدرة عقلية من الإنسان ، إن حجم مخ الإنسان أكبر من حجم مخ أي حيوان آخر ، وأن هذا الحجم تدرجت مستوياته مع الإنسان المنقرض مع مر العصور إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن في الإنسان الحالي ، وهذا ما يجعلنا نعتقد ان الإنسان الأول ظهر عاقلاً على سطح الأرض بمعنى انه عقل الأشياء أي ربط فيما بينها كي يستفيد منها في حياته .
     كذلك تحتاج عملية بناء وصنع الحضارة إلى يد الإنسان التي تلعب دوراً هاماً في إيجاد  الحضارة فهو يمسك بالأشياء ويشكلها بيده مثل أدواته الشخصية : أسلحة وأواني طبخ وأدوات زراعية .
     ويحتاج بناء الحضارة إلى وجود خامات  التي يمكن من خلالها أن يصنع الإنسان أدواته الحضارية فمن الصخور صنع أدوات زراعية وأدوات طبخ وآلات صيد وأسلحة يدافع عن نفسه عند مواجهة الخطر ، ومن أوراق الشجر بنى بيته على الشجر وعلى الأرض وصنع ملبسه من ورق الشجر وجلد وصوف الحيوان ، ومن النار طبخ طعامه وهكذا .
     وتحتاج عملية صنع الحضارة إلى السنن والقوانين في الطبيعة التي أودعها خالق الإنسان في البيئة كي يسخرها الإنسان في بناء الحضارة .
     ظهرت آراء كثيرة في حتمية البيئة ودورها والاستفادة من قوانينها ، هناك من المؤرخين من اعتبر البيئة السهلية والبيئة البحرية هي بيئة الحضارة ، بينما بيئة الصحراء وبيئة الجبل لا تنتج الحضارة ، ومن المؤرخين من يقول أن البيئة الصعبة تولد الحضارة كما في نظرية ( التحدي والاستجابة ) ل ( أرنولد توينبي ) ، بمعنى يظهر التحدي من الإنسان والاستجابة من الطبيعة .
     على أي حال أن الله عز وجل جعل القوانين في الطبيعة كي يستفيد منها الإنسان الذي خلقه رب العالمين وجعله خليفته في الأرض ولكي يعمر الأرض ، فمرة لا تحتاج هذه السنن او القوانين إلى جهد كبير أو نشاط واسع كما في مرحلة الجمع والالتقاط ومرة تحتاج السنن لاستخراجها إلى نشاط بدني أكبر كما في مرحلة الصيد وهكذا في مرحلة صنع الأدوات من الحجارة أو المعادن تحتاج إلى جهود اكبر لاستغلال القوانين الطبيعية لمنفعة الإنسان .

مظاهر حضارة الأجناس البشرية :
     1- استمرت مرحلة جمع الطعام حوالى 500ألف سنة من عمر الإنسان الأول قبل أن يعرف صناعة الحجارة وفي هذه المرحلة لم يلق الإنسان من الطبيعة سوى العطاء والخير فهو يجد طعامه في كل مكان إلا في فترات جليدية مع بداية ظهور الإنسان على سطح الأرض .
     وقسم المؤرخون هذه الفترات التاريخية إلى :
          جنز (   Gunz ) من مليون – 500ألف سنة ق.م
          مندل ( Mendil ) 430000-370000ق.م
          رس ( Riss ) 130000- 100000ق.م
          فرم ( Vurm ) 40000- 18000ق.م ( 35)

     مع ذلك استطاع إنسان هذه المرحلة ( جامع الطعام ) ان يقاوم الجليد وقسوة الجو وبرودته خاصة في العروض العليا من الكرة الأرضية (50 درجة فما فوق) ، إلا أن الإنسان الذي عاش دون هذه العروض تعرض إلى فترات متقطعة من موجات جليدية وقاومها مع وجود قلة الطعام لكنه سيطر على بيئته .
     لم يعرف الجيولوجيون سبب العصور الجليدية التي اجتاحت الأرض في هذه الفترة إلا أنهم أرخوا لهذه الفترة مع بداية ظهور الإنسان الأول ، لذلك يمكن القول أن الجليد يساعد على انقراض الكثير من الحيوانات التي تشكل خطراً على حياة الإنسان ، كذلك القضاء على الإنسان القرد قبل الإنسان الأول كعقاب إلهي وإفساح المجال للنوع المختلط الذي يحمل مميزات أفضل كي يعمر الأرض ويقيم حضارته لتستمر المسيرة البشرية ، ويساعد الجليد على برودة الجو وبرودة الأرض مما يساعد على انكماش سطح الأرض وبروز الصخور وتفتتها بحكم عوامل التعرية مما يسهل على الإنسان في البداية اتخاذ بعض الصخور كأدوات تخدمه ومن ثم اهتدى إلى صنع الصخور في الفترات اللاحقة من هذه المرحلة التاريخية من عمر الإنسان لأول .

2- صناعة الأدوات الصخرية :
     شرع الإنسان الأول في تنوع طعامه ، وذلك نتيجة لتقلبات الجو وسيادة الجليد على كثير من بقاع الأرض واختفاء الغطاء النباتي  أو تناقصه في بعض البقاع ، فبدأ الإنسان يأكل لحم الحيوان خاصة الصغير منه في البداية بعد اصطياده عن طريق الرمي او القبض عليه وقتله ، ثم طور الإنسان أدوات صيده بواسطة  الأدوات ( الفؤوس ) التي صنعها من عظام الحيوان أو من الصخر  ، ويمكن القول أن مهنة الصيد ظهرت مع بداية صنع الإنسان أدواته الحجرية ( 36) .
     تقسيم العصور الحجرية جاءنا من علماء الغرب حيث أن علماء الغرب أول من اكتشف هذه العصور وبعد التحريات والكشوف ظهر لهم ان هذه العصور قد سادت بقية القارات وليس أوربا فقط ، وأن الأدوات الحجرية ظهرت اولاً خارج أوربا وبالذات ظهرت في آسيا مهد الإنسان الأول ، على أي حال قسم علماء الغرب العصور الحجرية إلى ثلاثة أقسام:
     العصر الحجري القديم والعصر الحجري المتوسط والعصر الحجري الحديث ، لكن هناك تقسيماً آخر وهو العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث بينما العصر الحجري المتوسط لا يمثل دوراً هاماً في حضارة الإنسان الأول بحكم قصر مدته ( 37) .
     اختلف علماء الغرب في تاريخ ظهور الأدوات الحجرية ، هناك رأي يقول أن أقدم الأدوات الحجرية قد ظهر في شمال أفريقيا منذ مليون ونصف مليون سنة ، ولكن هذا غير صحيح لأن الإنسان الأول والمنقرض قد ظهر منذ مليون سنة وأنه لم يعرف صنع أدواته إلا بعد فترة طويلة من ظهوره ، وهناك رأي يقول ان الإنسان عرف صناعة هذه الأدوات حوالى 200000 ق.م ، ورأي ثالث يقول أن الإنسان عرف صناعة أدواته منذ 125000ق.م ، ورأي رابع يقول أنه عرف الأدوات الحجرية منذ 50000ق.م ( 38) ويمكن ان تصدق هذه الآراء على بيئة أوربا فقط لأن الإنسان الأول ظهر في هذه البيئة بعد 500ألف سنة ق.م أي بعد الفترة الجليدية الأولى ذلك أن قبل هذه الفترة لم يساعد الجو على ظهور هذا الإنسان أو لا يستطيع الهجرة إلى أوربا ويترك موطنه الأول في آسيا .
     هناك عصر قبل العصور الحجرية ويسمى العصر الحجري الأيوليثي ( Eolithic  ) حيث وجدت أدوات استخدمها الإنسان لكنها أدوات حصوية أي ليس للإنسان دور في صناعتها ، واكتشفت بعض هذه الأدوات مع إنسان جاوة أي قبل 500ألف سنة ق.م ، بينما إنسان الصين الذي ظهر حوالى 500ألف سنة ق.م يرجح أنه ساهم في صناعة هذه الأدوات ( 39) .
     وفي هذا الصدد لا بد من ان نستعرض  أو نذكر  أنواع العصور الحجرية بشكل مفصل لما لهذه العصور من علاقة بالحضارة التي سادت في هذه الفترة .
قسم المؤرخون العصور الحجرية إلى :
1-   العصر الحجري القديم : يبدأ 500ألف سنة – 10000سنة ق.م ( Paleolithic  )
2-   العصر الحجري المتوسط : يبدأ 10000-8000سنة ق.م ( Meseolithic )
3-   العصر الحجر الحديث : يبدأ 8000- 5000ق.م ( Neolithic )

أولاً: العصر الحجري القديم :
        ينقسم هذا العصر إلى ثلاثة أقسام وهي :
     1- العصر الحجري القديم الأسفل .
     2- العصر الحجري القديم الوسط .
     3- العصر الحجري القديم الأدنى .

أ‌)  العصر الحجري القديم الأسفل : يبدأ حوالى 500ألف سنة ق. م وتمثله حضارتين وهما الحضارة الشيلية نسبة إلى بلدة ( شل) وتقع على نهر ( المارن ) في أوربا وزمنها في آخر الفترة الجليدية الأولى ( جنر) وينسب إلى هذه الحضارة الإنسان البائد هايدبرك ( Heidelberg ) في أوربا ، والإنسان الأطلسي في شمال أفريقيا وهما معاصران لإنسان الصين الذي ظهر في حدود 500ألف سنة ق.م ، وتعتبر الحضارة الشيلية من أقدم حضارات العصور الحجرية وفيها ظهرت الفؤوس اليدوية من الصوان وتستخدم في قطع الخشب من الغابة او اقتلاع الأشجار والأغصان ، وكان إنسان هذه الحضارة يعيش في الكهوف ( 40) .
     والحضارة الأشولية وتعتبر أطول ادوار العصر الحجري القديم وتبدأ هذه الحضارة في الفترة الجليدية الثانية ( مندل ) وإلى الفترة الجليدية الثالثة ( رس ) ، استطاع إنسان هذه الفترة أن يهذب أدواته الحجرية وأن يضيف إلى الفؤوس الحجرية مقبض من خشب أو من عظم الحيوان ، على الرغم من أن هذا الإنسان ما زال يجمع قوته ( طعامه ) من الطبيعة إلا أنه أفضل من أسلافه عندما شرع في صنع أدواته من الأحجار والعظام والأخشاب ( 41) .

ب‌) العصر الحجري القديم الأوسط: وتمثله الحضارة الموستيرية نسبة إلى كهف ( موستير ) في فرنسا الذي اكتشف فيه آثار حضارية ، وزمن هذا العصر يبدأ في الفترة الجليدية الثالثة (رس) من 130000-100000سنة ق.م  ، واستمر إلى الفترة الجليدية الرابعة (فرم) ويبدأ من 40000-18000سنة ق.م ، وطرأ تحول جديد إذ كثرت الأسلحة بدلاً من الفؤوس اليدوية ، وهذا يدل على ان الإنسان في هذا العصر بدأ يعتمد على الصيد الحيواني في أكله بعد ان غطى الجليد معظم الغطاء النباتي سواء في اوربا أو في آسيا خاصة في مناطق العروض العليا ( فوق 40درجة عرض ) ، وبعد انتشار حيوانات الرنة بقرب كهوف الإنسان الأول ( 42) .
     وتنسب هذه الحضارة إلى الإنسان النياندرتال الذي ساد أرجاء الأرض بعد سنة 70ألف ق.م ، وانتقل إلى شمال أفريقيا من أوربا نتيجة البرد الشديد فيها ( 43) .

ج‌) العصر الحجري القديم الأعلى : يبدأ هذا العصر في الفترة الجليدية الرابعة ( 40000-18000سنةق.م ، ظهر الإنسان العاقل واختلط أو تزاوج مع الإنسان النياندرتال قبل انقراضه وسمي بالعاقل لأن حجم مخه نفس حجم مخ الإنسان الحالي ، وبداية ظهوره كان  في حدود 40000سنة ق.م ، إلا انه في سنة 10000ق.م ساد معظم الكرة الأرضية ، واستطاع ان يطور أدواته خاصة أدوات الصيد إلى نصال وسهام وهي تقوم مقام السكين وتصنع من الحجر او الخشب أو عظام الحيوان ، كذلك ساهم في ظهور فن الرسم و الصور في جدار الكهوف خاصة في أوربا  واستعمل النار في طهي طعامه (44)    ، في هذا العصر تعددت الحضارات وذلك نتيجة ظهور هذا الإنسان الذي تفوق على أسلافه وعلى الأجناس البشرية  التي قبله نتيجة كبر حجم مخه ، ففي أوربا ظهرت الحضارة الأورينياسية والسولترية والمدلينية ، وفي شمال أفريقيا ظهرت  الحضارة القفصية والوهرانية وفي  آسيا ظهرت  الحضارة البردوسنية ( 45) .

   ثانيا : العصر الحجري المتوسط :
       يبدأ بين 10000-8000سنة ق.م على أرجح الأقوال ويقع هذا العصر بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث ، وبما أن هذا العصر لم يستغرق سوى ألفين سنة ، فأن بعض المؤرخين لا يهتم به أو لم يجدوا آثاراً مميزة له مثل تلك التي وجدت في العصرين الحجري القديم والعصر الحجري الحديث ، ولكن هناك مميزات جديرة بالذكر لهذا العصر على الرغم من قلتها مما نخمن وجود مميزات تميزه عن بقية العصرين : الحجري القديم والحجري الحديث ، وأهم هذه المميزات :
1- ظهر الأدوات الحجرية الدقيقة ما يجعلنا القول أن إنسان هذا العصر تطور أكثر من إنسان العصر الحجري القديم وأنه بدا يهتم أكثر في صنع هذه أدواته .

2- ظهور بداية تدجين الحيوان وقيام الزراعة خاصة في شمال العراق ما بين  8000-7000سنة ق.م ( 46) ولو ان هناك قول يقول أن تدجين الحيوان قد بدأ قبل 10000ق.م في مدينة أريحا (47) .

3- معرفة الإنسان بناء الأكواخ والمواقد والرحى وبالذات في شمال العرق وذلك في حدود 10000 أو 9000ق.م لهذا يستدل بعض المؤرخين على استقرار الإنسان في القرى وبناء المنازل ( الأكواخ ) وممارسة الزراعة وتدجين الحيوان أو رعي الحيوان (48) .

4- حالة المناخ : عرفنا فيما سبق أن العصر الجليدي الرابع (فرم ) انتهى في حدود 18000ق.م وذلك بسبب تراجع الجليد إلى الشمال أكثر ، وأدى ذلك إلى هطول الأمطار خاصة في العروض الجغرافية ما بين (30-25 درجة ) مما أدى إلى  حالة الجفاف في الجداول والأنهار وغور العيون بالآبار ، كذلك قلت مساحة المروج الخضراء وبالتالي أدى ذلك إلى ظهور الصحاري خاصة بعد سنة 8000ق.م ونتيجة لتقلبات الجو هاجر الإنسان إلى جهة الشمال  وجهة الجنوب بحثاً عن الطعام (49) .


 ثالثاً : العصر الحجري احديث :
     حدث انقلاب اقتصادي كبير في هذا العصر ، وتتمثل مظاهره ممارسة الإنسان الزراعة وحرفة الرعي وصناعة الفخار والخياطة وبناء المساكن ، وعلى الرغم من أن هناك قولاً يقول أن الإنسان مارس الزراعة في حدود 10000ق.م (50)  أن الموطن الأول للزراعة كان في أقصى شمال العراق أو في هضبة الأناضول في تركيا أو في سهول التركمنستان في أواسط آسيا ، بسبب أن هذه الأماكن كانت صالحة للسكنى لاعتدال المناخ ووفرة المياه ووفرة الحياة النباتية والحيوانية (51) ولو أن هناك رأياً أخر يقول أن أريحا في بلاد الشام كانت  أول موطن للزراعة ( 52)  ، وتعتبر قرية (جرمو) الواقعة شمالي العراق من أولى قرى العصر الحجري الحديث ، بينما كان وادي النيل ودجلة والفرات عبارة عن مستنقعات لا تصلح للسكنى قبل 5000سنة ق .م ( 53) ، انتقلت الزراعة من آسيا إلى شمال أفريقيا في نهاية هذا العصر حيث شهدت مصر الزراعة وبينما عرف شمال أفريقيا الرعي أولاً ثم الزراعة ، وأصبح الإنسان الأول ناتج طعامه بينما كان أسلافه قبله جامعي الطعام ، وبعد ممارسة الزراعة بنى الإنسان الأكواخ والمساكن في القرى ، لذا  الزراعة  ساعدت الإنسان على الاستقرار ، وكذلك أخذ في ممارسة الرعي وتربية الحيوان أيضا والاستفادة من الحيوان وتخلى عن صيد الحيوان التي تتطلب الانتقال وقطع المسافات والهجرة وعدم الاستقرار ، ولعل التغير المفاجيء للمناخ والمتمثل بقلة الأمطار وظهور الصحاري على حساب الغطاء النباتي ، جعل الحيوان يقترب أكثر من الإنسان طلباً  للطعام ، وقد عرف الإنسان في شمالي العراق  في هذا العصر أنواعاً من الحيوانات المدجنة مثل الماعز والغنم والبقر والخنزير (54) .
     تعتبر صناعة الفخار من خصائص هذا العصر ، فقد ظهرت هذه الصناعة عندما استقر الإنسان في القرى ، ويلعب الفخار دوراً في الحياة المدنية ، حيث يستخدم الفخار لحمل السوائل والحبوب وحفظ الأشياء من الأطعمة وغير ذلك ، بل في بعض الحالات يستخدم الفخار كلحد للميت خاصة الكبير منه  ، وعرف الإنسان صناعة الفخار في منتصف هذا العصر تقريباً  ـ إذ عرف سكان الشرق الأدنى وبالذات في هضبة الأناضول وشمالي العراق الفخار في حدود 6500سنة ق.م ، وقد صنع باليد الفخار البسيط العادي ، ثم ظهر الفخار الملون ثم الفخار المزخرف بخطوط وأشكال هندسية او مزخرف بصور نباتية وحيوانية ( 55) .
     وأخيراً تميز هذا العصر عن غيره من العصور بظهور المظاهر الحضارية الأخرى مثل بناء المساكن ومعرفة الإنسان الحياة المدنية وما ترتب على ذلك من الاتصال بالناس ، من خلال التجارة بالمقايضة ومعرفة الحياكة والنسيج وصناعة القوارب ومعرفة فن الملاحة وصناعة ادوات الزينة كما في حضارة (سيالك -1 ) في بلاد فارس والتعدين خاصة في أواخر هذا العصر ( 56) .

رابعاً : العقيدة عند الأجناس البشرية المنقرضة :
     يعتقد بعض ان العقيدة أو الدين خاص بالإنسان الحالي حسب مافهمه من آيات القرآن المتعلقة بخلق آدم وعلى ضوء ذلك يعتقد بعض أن الأجناس البشرية كلها تنتمي إلى آدم من الناحية العرقية ، وهذا صحيح في قول أن آدم يمثل النسخة الحقيقية لكل الأجناس البشرية التي تعيش على الأرض ، وان سكان لأرض لا بد أن يرتبطوا بخالقهم ( 57) وأن النبوة سنة إلهية يتلطف بها رب العالمين على مخلوقاته ، وهناك رأي لأحد الفقهاء يقول إن وجد مخلوق في كوكب آخر غير الأرض ويتصف بالعقل والإدراك يعامل معاملة الإنسان ويتزاوج معه بل تجري عليه جميع الأحكام الشرعية والأحكام الإلهية ( 58) .
     التراث التاريخي الذي تركته هذه الأجناس المنقرضة يدل على أنها كانت تؤمن بالبعث والمعاد وتؤمن بالجزاء والعقاب الإلهيين ولكن عمق عقيدة  هذه الأجناس البشرية المنقرضة  ليس في مستوى عمق عقيدة الإنسان الحالي لتفاوت المستوى العقلي بينهما ( 59) .
     النبوة في عصر الأجناس البشرية المنقرضة تمتاز بالفردية أي أن النبي ليس بالضرورة أن يبشر الناس في عصره بل عليه أن يهتم بمن يرعاهم ، وقد تكون النبوة شبيهة بالنبوة عن طريق الأحلام كما بالنسبة لكثير من أنبياء بني إسرائيل أو عن طريق الإلهام كما بالنسبة لأم موسى والحواريون أنصار عيسى –ع- .

مر الإنسان الأول على الأرض بمراحل عدة وهو يتكامل من الناحية الدينية :

1- مرحلة الفطرة : وتبدأ من مليون سنة -500ألف سنة ق.م
     لذا كان الإنسان يعتقد بوجود قوة غيبية يستند إليها وقت الشدة إذ أن الأخطار كانت تحيط به من كل جانب ، فهو يعيش الخوف دائماً ، الخوف من ظلمة الليل والخوف من الوحدة والوحشة والخوف من أصوات الرعد وأصوات الحيوانات المفترسة وكلما زاد خوفه كلما التجأ إلى هذه القوة ، وتسمى هذه القوة ( الله ) في مفهوم العقيدة ، هذا وقد بين عز وجل وجود هذه القوة في سورة (يونس ) الآيات 12 و21-23  وتسمى هذه القوة ب ( الجبلة والفطرة ) في الإنسان عندما يتعرض إلى مكروه وشدة  فيلتجأ إلى ربه .
     وليس هناك ادلة ملموسة لوجود العقيدة لدى هذه الأجناس المنقرضة كما يقول الأنثربولوجييين إلا عند الإنسان النياندرتال ( 60) هؤلاء الأنثربولوجيون معذورون لأن عامل العقيدة من الأشياء المعنوية وغير الملموسة إلا إذا عبر عنها بالرسوم وغيرها .
     يقول صاحب الميزان في تفسير آية :" فطرة الله التي فطر الناس عليها "( الروم /30) : ومعنى الفطرة هي الشهادات الثلاث وهي ان الإنسان مفطور على الاعتراف بالله لا شريك له وبما يجد من الحاجة إلى الأسباب المحتاجة إلى ما وراءها وهو التوحيد وبما يجد من النقص المحوج إلى دين يدين به ليكمله وهو النبوة وبما يجد من الحاجة إلى الدخول في ولاية الله بتنظيم العلم بالدين وهو الولاية والفاتح لها ( 61) .
     الإنسان الأول يحتاج إلى الشهادة الأولى وهي الاعتراف بالله واللجوء إليه في الشدة ، فهناك الهداية من نوع الفطرة الغريزية في الإنسان ، وتسمى الهداية التكوينية حيث منحها الله تعالى لكل موجود سواء أكان جماداً أم نباتاً أم حيواناً أم إنساناً ، وتهدف هذه الهداية حركة الموجود إلى خالقه ( 62) والإنسان الأول لديه الفطرة وهو أفضل من الموجودات الأخرى ولأنه سيد هذه الموجودات .
     كان الإنسان الأول في حاجة إلى زوج وشريك حياة (زوجة ) مثل الإنسان الحالي  ، ويهدف ذلك إلى وجود قانون التجاذب بين الذكر والأنثى الذي يحافظ على بقاء الجنس البشري أو التكاثر لذا ازدياد النسل البشري شيء فطري في الإنسان الأول وقد لجأ إلى تعدد الزوجات خاصة وأن الرجال يتعرضون إلى الهلاك والموت بسبب مصارعتهم للحيوانات المفترسة  أو يحاول اصطياد بعض الحيوانات وبالتالي يقل عدد الرجال في المجتمع البدائي ويكثر عدد النساء  وهذه النسوة بحاجة إلى من يدافع عنهن وعن اولادها من الأخطار المحدقة بهم لهذا تنظم المرأة إلى الرجل ، كذلك الإنسان الأول لم يعمر طويلاً بسبب تعرضه إلى الأمراض والأوبئة والحشرات الضارة الفتاكة خاصة في الأدغال والمستنقعات إلى جانب قسوة الجو وشدة البرد والجليد الذي يسود بيئات العروض الجغرافية العليا من الكرة الأرضية ( 63) .
     ميل الإنسان الأول إلى الإنجاب يعد شيئاً فطرياً وهذا كان هذا الميل قوياً لديه وكان من عقيدته الإكثار من النسل البشري بل والمحافظة على هذا النسل وبالذات أنثى هذا الإنسان ، إلى جانب ذلك يحاول الكبار إبعاد الأخطار المحدقة بالصغار وتوفير الطعام  لهم وان مقولة إلصاق صفة " الهمجية " في هذاا لإنسان ليست صحيحة فهو إنسان له عقيدة وفي طياته نوازع الخير والشر .
     كان الإنسان الأول في مرحلة الفطرة يعرف مفهوم الموت وسبب حدوثه بل تجده يبقى عند الميت فترة من الزمن إلى ان يتعفن جسد الميت فيخرج من المكان ويغيره مكانه ، لهذا اعتقد بعض المؤرخين أن الإنسان الأول كان يأكل لحوم البشر لوجود العظام البشرية التي وجدت في الكهوف  على الرغم من ان ببعض المؤرخين يرفض هذا لرأي ( 64) .
     الإنسان الأول يرى تجربة الموت في غيره ويعرف انه ميت لا محالة وأن وجوده على الأرض محدود وينتهي بعد ان يؤدي دوره ويتمثل هذا الدور في التكاثر وحفظ النوع البشري حتى يخلق تعالى نوعاً جديداً من البشر فيختلط به ويتزوج منه .
     هناك رأي يقول ان الإنسان البدائي يعتقد ان الموت عبارة عن نتاج عمل عدو او تأثيره الشرير على بني جنسه مثلما تعتقد جماعة ( البوشمن ) في أدغال أفريقيا (65) وهذا الرأي لا يصمد أمام الحقيقة التي تقول ان الإنسان الأول الذي وجد منذ مليون سنة على سطح الأرض لا يمكن مقارنته بإنسان قبيلة ( البوشمن ) ، ومن جهة صحيح ان جماعة (البوشمن ) شان أي جماعة بشرية تكره الموت لأنه يفصل عزيز عن قريبه إلا أن الموت حكم مؤكد على بني البشر .

2- مرحلة العقل : 500ألف سنة – 100ألف سنة ق.م :
     يمثل إنسان هذه المرحلة إنسان " بكين " ( Peking Man ) أو إنسان  الصين الذي يمتاز عن الإنسان قبله بكبر حجم مخه ، هذا الإنسان تفاعل مع الأشياء بعقله  أكثر بدلاً مع فطرته  ، قطع هذا الإنسان شوطاً في صنع أدواته من الصخور سواء ادوات الصيد أو الأدوات الأخرى ، واهتدى إلى استخدام عظام الحيوان لصنع أدواته ، واستمر في صنع أدواته دون تطوير ملحوظ إلى سنة 100ألف ق.م ليدل على ان عقله لم ينمو بشكل كبير ، أو أن سيادة إنسان بكين في الأرض يدل عدم وجود منافس له ، اهتدى إنسان بكين إلى معرفة العقل وأهميته بالنسبة له في حدود تجعله  لا يستغني عن " الفطرة " ويرتبط بخالقه ، وعرف أن العقل نعمة يجب استغلاله  للحصول على المنافع ، لذا شرع في صنع أدواته الخاصة واهتدى بعقله أن اللحم طعام كما أن النبات طعام له ليتميز عن الإنسان قبله الذي كان يأكل النبات فقط ( 66) ومن جهة أوحى العقل له أن يأكل لحم الحيوان له خاصية لجسمه  ، لكنه بدأ يتغير سلوك هذا الإنسان مع أخيه إذ عامله معاملة قاسية إذا اختلف معه ، لذا بدأ الصراع بينه وبين أخيه يأخذ طابعاً دموياً بسبب كثرة أكل اللحم الذي ساعد على ظهور قسوة في قلب الإنسان .
     انقسم إنسان بكين إلى قسمين ، قسم يميل إلى جانب العقل  ومحاولة فض النزاع والصراع مع بني جنسه وقسم غلب عليه طابع الأنانية وحب الذات والعنف والذي لم يكن موجود في الإنسان قبله ، ولعله بدأ يفضل نفسه على غيره ، لذا اعتقد بعض المؤرخين أن سلوك  هذا الإنسان أصبح حيوانياً ( 67) .
     توجد أدلة على ان هذا الإنسان استخدم سلاحاً ( هراوة ) في اعتداء على أخيه الإنسان وقتله كذلك هناك أدلة ومؤشرات لنشوب حرب جماعية بهدف السيطرة على قطعة  أرض ( 68) .
     لم يعرف إنسان هذه المرحلة  مفهوم الشر والخير لعدم وجود أنبياء وصلحاء ، لكن تطغى صفة الشر لدى بعض البشر بسبب الأنانية ولو انه يظن ان عمله مقبول بينما يرى غيره أن أسلوب القتل أو الضرب في فض النزاع غير مقبول لأنه يؤدي إلى هلاك البشر ونقصانه .
     اهتدى إنسان الصين إلى الاستفادة من النار او اكتشاف النار خاصة في طهي طعامه بعد أن كان يأكل الطعام نياً وغير مطبوخ ، كانت النار موجودة قبل ظهور الإنسان على الأرض نتيجة الصواعق والشهب الساقطة على الغابات وثورة البراكين ، وبعد فترة من عمر البشر استخدمت النار للتدفئة ، ويقال أن الإنسان رأى قطعة لحم قد سقطت من يده في النار فشم منه رائحة مقبولة ولما أكل قطعة اللحم استساغها ويؤرخ بعض المؤرخين على وجود النار واستخدامها لدى إنسان بكين بالكهوف التي عاش فيها حوالى 400ألف سنة ق.م ( 69) .
     اهتدى هذا الإنسان بعقله أن الطبيعة وهبت له النار ووهبت له الطعام الوفير والكثير من النبات ولحم الحيوان ، مما يعني أنه ارتبط بخالقه وأنه عرف  وجود قوة غيبية تساعده وتعينه على تخطي وتذييل ظروف الحياة الصعبة وقسوة المناخ ووعورة البيئة  ، وإذا لم يعتني بنفسه ويقي نفسه من الأخطار المحدقة به  فأن ذلك يعني هلاكه أو يؤدي إلى شعوره بالألم ، لذا عرف أن النار قد تكون مصدر ألم له إذا أحرقت أحد أعضاء جسمه ، أو تكون مصدر دفيء له و طهي لطعامه ، ولكن قد يصل الأمر بالإنسان الذي لا يتحكم بعقله أن يرمي على أخيه شرارة نار أو يلقي أخاه بالنار ساعة الغضب ونشوب الصراع بينهما .
     واهتدى الإنسان في هذه المرحلة إلى فائدة الهجرة والتنقل وعدم المكث في مكان معين لمدة طويلة ، صحيح أن في هذه المرحلة سكن الإنسان في الكهوف إلا أنه غادرها إلى كهوفاً أكثر أماناً ، ثم أن ممارسة الصيد تتطلب منه تعقب الحيوان مسافات طويلة تبعده عن مسكنه ( كهفه) لهذا عرف عن هذا  الإنسان في تغير مسكنه ، خاصة  واتخاذ كهوف كسكن توجد بقربها الحيوانات التي تعيش في المناطق المجاورة لسكنه ، مما يعني الاستفادة من هذه الحيوانات ،  إلى جانب ظروف المناخ أو ظروف البيئة القاسية تجعل الإنسان ينتقل من مكان إلى آخر   ، واهتدى بعقله أن الهجرة تساعده على الاختلاط بأجناس بشرية أخرى ، إذ هاجر إنسان ( جاوة ) شرقاً باتجاه الصين واختلط بإنسان ( بكين ) ونتج هذا الاختلاط والتزاوج نسل جديد ، لهذا لا نؤيد الرأي القائل أن الإنسان تعلم الهجرة من الحيوانات ( (70) .

3- مرحلة النبوة : 100ألف – 10آلاف  سنة ق.م :
     تحدثنا فيما مضى أن الإنسان يحتاج إلى العون والمساعدة من ربه أثناء مسيرته وأن هذا الإنسان يعاني من النواقص ويحتاج من يرشده  ويعينه لذا يحتاج إلى نبي ( 71) ، وبعد نمو عقل الإنسان وتعامله مع الفطرة فان الإنسان شعر بالحاجة إلى من يرشده للتغلب على نوازع الشر فيه وإلى جانب أنه  عندما يحارب أخطار البيئة وظروفها ، وقد يؤدي ذلك إلى قتل أخيه ولو أن بعض من  البشر في هذه المرحلة يحكم عقله ويعلم أن هذا العدوان أو القتل بحق أخيه غير صحيح لكنه لم يستطع اقناع أخيه فكان البشر يحتاجون إلى من يرشدهم إلى الصواب وترك الخطأ .
     بعد سيطرة الإنسان على بيئته وتخطى مرحلة الخطر وتامين نفسه ومن معه من الأخطار الخارجية وبعد تأمين طعامه ، أحس بالوقت الفراغ الذ استغله بالرقص والطرب ( 72) كذلك هذا الفراغ جعله  يدخل في الصراع مع اخيه الإنسان وهو يريد بسط نفوذه وأخذ ممتلكات غيره نتيجة الأنانية وحب الذات .
     يقول بعض المؤرخين أن إنسان النياندرتال يمثل هذه المرحلة وان له عقيدة ودين من خلال ما تركه من أدلة مثل دفن الموتى ووجود الحلي الصدفية والأدوات الصوانية الخاصة للميت في قبره ( 73) ويمكن الاستدلال على وجود الأنبياء بين بني هذا الإنسان ومن جاء بعده من خلال إيمانهم بالبعث وبقاء الروح بعد الموت ، كذلك وجود أرواح – وقد تكون من هؤلاء – تعيش في مستوى أقل من مستويات عالم الموت ( البرزخ ) لأن مستواها العقلي لا يسمح لها العيش مع أرواح بني آدم إلى أن تمر بتجارب ( 74) .
     عرف إنسان هذه المرحلة الفن الذي كان في البداية عبارة عن أدوات وجدت في كهوف هذا الإنسان وتنوعت هذه الأدوات من مكان إلى آخر ، فقد وجدت أنواع منها في غرب أوربا تختلف عن أدوات أخرى وجدت في وسط أوربا ( 75) .
     تطور عقل هذا الإنسان بعد اتصاله وتزاوجه مع غيره من الأجناس البشرية المعاصرة له  ، وتطور فن الكهف – غن صح التعبير- بعد انقراض إنسان النياندرتال وظهور الإنسان العاقل ( Homo Sapiens  ) الذي ظهر في حدود 40ألف سنة ق.م ( 76) .
     نشر خبر له علاقة بالتزاوج بين الأجناس البشرية : اكتشفت امرأة من جزيرة كريت بعد عشرين عاماً من زواجها ان زوجها هو والدها الذي كان يجهل ذلك ، ولقد حاول الزوج ( الأب ) الانتحار وادخل مستشفى الأمراض العقلية ( 77) وهناك رأي ظريف في هذا الموضوع وجدته في أحد الكتب وهو أن زواج الأقربين كان محرماً في حضارة العصور الحجرية ذلك أن المرأة تنجب طفلين أو ثلاثة فقط وان نسبة وفيات الأطفال تبلغ 40% وإذا كتب للولد الحياة فانه لا يستطيع أن يتزوج أمه لأنها قد تكون عجوزاً أو متوفية وهكذا بالنسبة للبنت مع أبيها ومن جهة يحتاج الذكر إلى أنثى في مرحلة جامع الطعام فلا يستطيع ان يتزوج اخته وكذلك العكس لأن بين مولود وآخر أربع سنوات على سبيل المثال إذ عندما يتزوج الأخ من أخته تكون هذه غير بالغة وكذلك الأخت تتزوج قبل أن يبلغ أخوها وهكذا يستنتج مؤلف الكتاب أن هذه العادة كانت موجودة في المجتمع الزراعي ( 78) .

هل هناك علاقة بين الفن والعقيدة ؟
     في الحقيقة أن الإنسان الأول خاصة في فترة وجود أنبياء له يحتاج إلى من يرشده كما مر ذلك ، لذا قد تكون الرسوم والأشكال وهي عبارة عن الحيوانات والنباتات  التي وجدت في الكهوف تذكر الإنسان ان هذه الحيوانات والنباتات مسخرة له وأنه يجب ان يحافظ عليها ، أو أن نبيهم يذكرهم ببشاعة عمل الإنسان الذي يسرف في قتل الحيوان ، لذا امتاز هذا الإنسان عما سبقه بترشيد في قتل الحيوان بدلاً من استنزاف نعم البيئة التي يعيش فيها .
     وقد يكون الفن ليس له علاقة بالعقيدة وإنما هو نتيجة الفراغ الذي عاشه هذا الإنسان جعله يعبر عن تصوراته بالرسوم والأشكال التي تركها في الكهوف .
     وكان دور الأنبياء واضحاً في هذه الفترة التاريخية من عمر هذه الأجناس البشرية وذلك في الحث على الهجرة باتجاه منطقة البحر المتوسط لتوقع ظهور جنس بشري أرقى مع نهاية فترة هذه المرحلة .
     الهجرة البشرية كانت موجودة منذ وجد الإنسان الأول على سطح الأرض كلما سنحت له الفرص إلى الهجرة والتنقل ، وكانت الهجرة بدافع الفطرة أو بدافع العقل بهدف البحث عن أماكن أكثر أماناً وأكثر وفرة في الطعام من النبات والحيوان ، كذلك الهدف بالاختلاط بالجنس البشري الآخر والأرقى عقلاً لزيادة النسل وتحسينه .
     


الهوامش :
الفصل الأول
1 – توجد آيات كثيرة تناولت  عن تسخير الله عز وجل الطبيعة للإنسان
السورة          الآيات
إبراهيم        31و32
النحل         12و14
الحج         65
العنكبوت    61
لقمان       20
 الأنبياء    79
ص         17-20 و66
سبأ         10-14
2- مصر الخالدة ، عبدالحميد ، القاهرة 1966 ، ص15 .
3- مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، طه باقر ، بغداد 1976، ص20 .
4- البقرة/31 .
5- محاضرة الأوائل ومسامرة الخواطر ، علاء الدين علي دوه ، بيروت ، ص15 .
6- مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص32 .
7- مصر الخالدة ، ص118 .
8- مصر الخالدة ، ص120 .
9- الحضارة ، حسين مؤنس ،  عالم المعرفة ،العدد 1 ، الكويت 1976 ، ص66 .
10- التاريخ والجغرافيا في العصور الإسلامية ، كحالة ، دمشق 1972 ، ص40 .
11- في فلسفة التاريخ ، صبحي ، الاسكندرية 1975 ، ص168 .
12- تشكيل العقل الحديث ، سلسلة عالم المعرفة أكتوبر 1984 ، ص24 .
13- محاضرات في فلسفة التاريخ ، هيجل ، ترجمة عبدالفتاح ، ط1980 ، ص40 .
14- مقدمة ابن خلدون ، ابن خلدون ، القاهرة 1966 ، ص42 .
15- مختصر دراسة التاريخ ، توينبي ، ترجمة شبل ، القاهرة 1964 ، ص30 .
16- الحضارة ، مؤنس ، ص161 .
17- في فلسفة التاريخ ، صبحي ، ص177 .
18- في فلسفة التاريخ ، صبحي ، ص179 .
19- محاضرات في فلسفة التاريخ ، هيجل ، ص153 .
20- في فلسفة التاريخ ، صبحي ، ص276 .
21- المدرسة القرآنية ، الصدر ، بيروت 1980 ، ص47 .
22- البقرة/ 30-39 .
23- المدرسة القرآنية ، الصدر ، ص144 .
24- التفسير الإسلامي للتاريخ ، عماد الدين خليل ، بغداد 1978 ، ص137 .
25- الأنبياء / 30 .
26- الأنبياء /31 .
27- الزخرف/ 10-11 .
28- الحديد / 25 .
29- الإسراء / 16و17 .
30- السقوط الحضاري ، سبتي ، الكويت 1996 ص15 .
31- هود/ 113 .
32- النساء / 97 .
33- إبراهيم / 21 .
34- إبراهيم / 21 .
35- السقوط الحضاري ، سبتي . عباس ، ص20 .
36- يقول تعالى :" ويا قوم أفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " هود/ 85 .
37 – التفسير الإسلامي للتاريخ ، خليل ، ص261 .
38- السقوط الحضاري ، سبتي ، ص2 .
39- العصور القديمة ، براستيد ، بيروت 1983 ، ص641 .
40- مجلة الفكر العربي ، العدد الثاني ، السنة الأولى ، أغسطس 1978، ص11 .
41- معالم تاريخ الشرق الأدنى القديم ، أبو المحاسن ، بيروت 1981، ص24 .
42- في فلسفة التاريخ ، صبحي ، ص160 .




الفصل الثاني

1-   أساسيات عامة غي علم الحيوان ، القفل ، الكويت 1975 ، ص17 .
2-   معالم تاريخ الشرق الأدنى القديم ، أبو المحاسن ، ص24 .
3-   أساسيات عامة في علم الحيوان ، ص17 .
4-   تطور الجنس البشري ، السيد غلاب ، القاهرة 1974 ، ص54 .
5-   الأنبياء / 30 .
6-    النور / 45 .
7-   تطور الجنس البشري ، 59 .
8-   Edmond Perrier , The earth before history , London 1965,pp20
9- المعارف ، ابن قتيبة ، القاهرة 1960 ، ص12-15 ، وتفسير الميزان ، ج16 ، محمد حسين ، بيروت 1974 ص226 ويقول المفسر في مورد آخر من تفسيره : فمن الجائز أن يكون هذا النوع ظهر في هذه الأرض ثم كثر ونما وعاش ثم انقرض ثم تكرر الظهور والانقراض ودار الأمر على ذلك عدة أدوار على ان يكون نسلنا الحاضر هو آخر الأدوار ( الميزان ، ج4 ، ص140 ) .
10-                      الإنسان في القرآن ، العقاد ، ص16 .
11-                      أساسيات عامة في علم الحيوان ،  القفل ، ص46-47 ن ص97 .
12-                      الحضارة ، حسين مؤنس ، مجلة عالم المعرفة عدد1 ، ص91 .
13-                      الإنسان في القرآن ، ص16 .
14-                      قصة الأنثروبولوجيا ، فهيم ،  مجلة عالم المعرفة ، عدد 98 ، ص40 .
15-                      العائلة البشرية ، رزقانة ، القاهرة 1961 ، ص27 .
16-                      تطور الجنس البشري ، غلاب ، ص117 .
17-                      Others General Anthropology , New York ,1965 ,pp38  
18-                      انتصار الحضارة ، برستيد ، القاهرة 1958 ، ص50 .
19-                      ما وراء التاريخ ، هاولز ، ترجمة أبو زيد ، القاهرة 1965 .
20-                      العائلة البشرية ، ، ص36 .
21-                      العائلة البشرية ،ص45 ، وتطور الجنس البشري ، ص121 ، وما وراء التاريخ ، ص97 .
22-                      العائلة البشرية ، ص45 .
23-                      Franz Bous The Mind Of Primitive Man USApp16   
24-                      انتصار الحضارة ، برستيد ، ص70 .
25-                      السلالات البشرية الحالية ، ، ترجمة غلاب ، القاهرة 1961 .
26-                      أصول الجغرافية البشرية ، الصفار والفيل ، الكويت 1984 ص18 .
27-                      بنو الإنسان ، مجلة عالم المعرفة ، عدد يولوي 1983 ، ص39 .
28-                      مقدمة في تاريخ العراق القديم ، باقر ، ص151 .
29-                       انتصار الحضارة ، برستيد ، ، ص80 .
30-                      ما وراء التاريخ ، هاولز ، ص97 .
31-                      معالم تاريخ الشرق الأدنى ، أبو المحاسن ، ص22 .
32-                      تطور الجنس البشري ، غلاب ، ص105 .
33-                      John Wiley and Son General Biology USA 1961  
34-                      الحضارة ، مؤنس ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد1 ، ص15 .
35-                      العائلة البشرية ، رزقانة ، ص127 .
36-                      قصة الإنسان ، جورج حنا ، بيروت 1951 ، ص37 .
37-                      Harry L. Ahapivo Man Culture and Society New York 1966 pp22
38-                      العصور القديمة ، برستيد ، ص17 .
39-                       نفس المصدر السابق ص20 .
40-                      نفس المصدر السابق ص15 .
41-                      نفس المصدر السابق ص15 .
42-                      نفس المصدر السابق ص18 .
43-                      معالم تاريخ الشرق الأدنى ، أبو المحاسن ، ص39 .
44-                      مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، باقر ، ص174 .
     يقال أن الإنسان الصيني قد عرف النار منذ 500ألف سنة أو 400ألف سنة ق.م وانه استعملها في البداية للتدفئة ، وهناك رأي يقول أن الإنسان في جبل الكرمل بفلسطين قد عرف النار في حدود 150ألف سنة ق.م ، والثابت أن في هذا العصر وبعد مزاولة الإنسان العاقل الصيد واعتماده في مأكله على لحم الحيوان وذلك بعد طهي اللحم علماً ان أسلافه كانوا يأكلون اللحم نياً .
45 بنو الإنسان ، الكرمي ، ص82 .
46 – ارتقاء الإنسان ، ج. برونو ، مجلة عالم المعرفة ، ص32 .
47   - مصر الخالدة ، زايد ، ص36، ومعالم تاريخ الشرق الأدنى أبو المحاسن ، ص267 .
48 – تطور الجنس البشري ، غلاب ، ،ص223 .
49 – البدائية ، مجلة عالم المعرفة ، عدد53 ، ص288 .
50 - تطور الجنس البشري ، ص225 .
51 - البدائية ، مجلة عالم المعرفة ، عدد53، ص288 .
52 - العائلة البشرية ، رزقانة ، ص133 .
53 - مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، باقر ، ، ص192 .
54 - معالم تاريخ الشرق الأدنى ، ص332 .
55 - العصور القديمة ، ص320، ومصر الخالدة ، ص38 .
56 - نفس المصدر السابق ص322 .
57 - يقول بوس ( Boas  ) في كتابه : General Anthropology   : صحيح أن حياة الإنسان القديم  حياة حيوانية لا وجود للعقيدة والقيم فيها إلا أن الأحلام والرؤيا لها دور في ظهور العقيدة لدى هذا الإنسان بل ويذهب بعض آخر إلى تبني نظريات مادية لنشأة الدين لدى هذا الإنسان مثل : عامل الخوف والاعتقاد بالقوة المطلقة وعامل السحر ، ص627 .
58 - تحرير الوسيلة ، باب المعاملات ، بيروت 1397هج ص640 .
59 - البدائية ، مجلة عالم المعرفة ، عدد53 ص288 .
60 - General Anthropology , Boas pp627
61 - تفسير الميزان ، محمد حسين ، ج16 ، ص187 .
62 - نفس المصدر السابق ، ص187 .
63 - بنو الإنسان ، مجلة عالم المعرفة ، عدد67 ، الكويت 1983 ، ص419 .
64 - البدائية ، عالم المعرفة ، عدد53 ، ص78 .
65 - الموت في الفكر الغربي ، مجلة عالم المعرفة ، عدد67 ، الكويت 1984 ، ص34 .
66 - M.F, Ashley Mantagu Culture and the Evolution of Man , New York ,1962 pp8
67 - البدائية ، عالم المعرفة ، عدد53 ، ص142 .
68 - نفس المصدر السابق ، ص140 .
69 - ارتقاء الإنسان ، ص77 .
70 - البدائية ، ص143 .
71 - الإسراء / 95 .
72 - الحضارة ، مجلة عالم المعرفة ، عدد1 ، الكويت 1978 ص33 .
73 - البدائية ، مجلة عالم المعرفة ، عدد53 ، ص144 .
74 - على حافة عالم الأثير ، ترجمة أبو الخير ، القاهرة 1945، ص149 .
75 - البدائية ، عالم المعرفة ، عدد53، ص42 .
76 - السلالات البشرية الحالية ، ترجمة غلاب ، ص70 .
77 - جريدة القبس الكويتية ، عدد8183، 4/4/1996 .

78 - بنو الإنسان ، مجلة عالم المعرفة عدد67، الكويت 1983، ص422 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق