الطفل وجهاز الآيباد ونمو عقله

الطفل وجهاز الآيباد ونمو عقله

The Child, the Tablet and the Developing Mind

بقلم / NICK BILTON

31/3/2013

ترجمة الباحث عباس سبتي

يوليو 2017

كنا نجلس في مطعم في محاولة لإجراء محادثة ولكن أطفال أختي "  Willow  "  البالغ من العمر 4 سنوات و"   Luca  " البالغة من العمر 7 سنوات لم يتوقفا عن القتال : من يأخذ الشوكة أو من يصب الماء في كوب أولاً  .

مثل الساحر يهدأ مجموعة من الأطفال عن طريق سحب أرنب من قبعة، فتحت أختي  محفظتها وأخرجت اثنين من جهاز" الآيباد " وسلمت كل واحد من أطفالها جهازاً فجأة هدأ الطفلان ،وجلسا يلعبان الألعاب ومشاهدة أشرطة الفيديو وواصلنا حديثنا ، وبعد وجبة الطعام حاولت إرجاع الجهازين إلى المحفظة بصعوبة  شعرت شقيقتي بالإحراج .

 قالت شقيقتي لي : أنا لا أريد أن أعطي لهم أجهزة " الآيباد  "أثناء تناول وجبة العشاء، ولكن إذا كان الجهاز يشغل الأطفال  لمدة ساعة حتى نتمكن من تناول الطعام في سلام، والأهم من ذلك ألا يزعجا الآخرين في المطعم، وقالت : أنا في كثير من الأحيان أسلمهما هذه الأجهزة في المطعم ،  ثم سألتني: "هل تعتقدين أن هذه الأجهزة سيئة بالنسبة لهم؟ أنا أشعر بالقلق من تسلمهما الجهاز كشيء حسن واللعب بالألعاب الالكترونية أثناء تناول طعام  وجبة العشاء " ، لم يكن لدي جواب وعلى الرغم من أن بعض الناس قد يكون لهم  آراء بشأن ذلك ، لكن لا  أحد لديه فهم علمي حقيقي لما سيكون حال هذا الجيل المتعلق بأجهزة الشاشات المحمولة في المستقبل .

قالت " Dr. Gary Small " مديرة مركز " إطالة العمر " في جامعة " California " في لوس أنجلوس  

 ولها كتاب "Surviving the Technological Alteration of the Modern Mind " : نحن لا نعلم تأثيرات التكنولوجيا على جهاز العصبي للإنسان ، فالأطفال مثل الكبار يختلفون تماماً وبعضهم حساس وسريع التقلب أكثر من غيره في استخدام أكثر لوقت الشاشة .

لكن الدكتورة "  Small "  تقول إننا نعلم أن الدماغ حساس جدا للمؤثرات مثل أجهزة إيباد وشاشات الهواتف الذكية، فإذا كان الأطفال يقضون الكثير من الوقت مع جهاز واحد مما يعني قلة تفاعلهم مع أشخاص مثل أولياء الأمور أثناء تناول وجبة العشاء مثلاً وبالتالي يعيق ذلك تطوير مهارات التفاعل لديهم  ، لذا إذا كان الطفل يلعب ويرسم بالطباشير بدلا من استخدام تطبيق " التلوين " على جهاز الآيباد  يكون أكثر اجتماعياً .  .

قال " Ozlem Ayduk " وهو أستاذ مشارك في العلاقات الاجتماعية في جامعة " California" في " Berkeley " : إن الأطفال الذين يجلسون على مائدة العشاء مع كتاب مطبوع أو الطباشير الملون لم يتفاعلوا  مع الناس من حولهم ، وهناك دروس مستندة على القيم  للأطفال للتحدث مع ذويهم خلال وجبة الطعام ، وأن أجهزة الآيباد لا تعلم الأطفال أسلوب المحادثة مع الناس كما يتعلمون مباشرة  ( وجهاً لوجه ) أثناء تفاعلهم معهم .

نشر تقرير لدراسة  قامت بها  " جماعة الألفية ،  the Millennium Cohort  "  في الأسبوع الماضي، وهي دراسة  مجموعة طويلة الأجل في بريطانيا التي تتبعت "  19000  " طفلاً  ولدوا في عامي 2000 و 2001، الذين شاهدوا أكثر من ثلاث ساعات من التلفزيون أو الفيديو أو أقراص الفيديو الرقمية في اليوم كان لديهم فرصة أكبر لارتكاب مشكلات السلوك، والأعراض العاطفية ومشكلات سوء العلاقة مع الآخرين من الأطفال الذين لم يشاهدوا هذه الأجهزة ، وفي دراسة أخرى التي تضم عينة من" 11،000"  طفلاً  أشارت إلى أن الأطفال الذين لعبوا ألعاب الفيديو - في كثير من الأحيان الألعاب المناسبة للسن - لنفس الوقت من الوقت لم تظهر أية علامات  سلبية على سلوكياتهم .

" الذي يعيدنا إلى طاولة العشاء مع ابنة أخي وابنه ، في حين جلسوا يحدقون بسعادة في تلك الشاشات اللامعة انهما لم يشاركا في أي نوع من المحادثة ، أو ينظرا بدون هدف ، فعلت أنا و أختي ونحن أطفال ووالدينا يتحدثان ، وهنا تكمن المشكلة " .

قالت "  Sherry Turkle"  ، أستاذة العلوم والتكنولوجيا والمجتمع في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، ومؤلفة كتاب " Alone Together: Why We Expect More From Technology and Less From Each Other " : التعلم عن العزلة وكيف يصبح وحيداً هو حجر الأساس لنمو الطفل في وقت مبكر من عمره لأنه يتعامل مع جهاز الآيباد .  

أجرت السيدة  " Turkle " مقابلات مع أولياء الأمور والمراهقين والأطفال بشأن استخدام الأجهزة المحمولة الصغيرة خلال مرحلة النمو ، وقالت أنها تخشى أن الأطفال الذين لا يتعلمون عبر التفاعلات الاجتماعية الحقيقية والتي غالبا ما تكون لها عيوب ونواقص أيضا ، سوف يتعرفون على عالم مثالي ولامع يمنحهم إحساسا زائفا من العلاقة الحميمية دون خطر.

يجب أن يكونوا قادرين على يفكروا بشكل مستقل عن الجهاز، ويجب أن يكونوا  قادرين  على استكشاف خيالهم ، أن يكونوا  قادرين على  التركيز بأنفسهم ومعرفة من هم ، فقد يكونوا في يوم ما يعقدون علاقة شخص آخر دون ذعر من كونهم وحدهم ، وإذا لم تعلم أطفالك أن يكونوا وحدهم ، سوف يعرفون كيف يكونون وحدهم .